بيليم (البرازيل): دخلت المفاوضات في إطار مؤتمر المناخ مرحلة التمديد الرسمي الجمعة، بعد أسبوعين من المفاوضات غير المثمرة، وسط غياب أي بوادر توافق بين الدول الـ200 المشاركة والتي لا تزال مواقفها متباعدة جدا بشأن مصادر الطاقة الأحفورية.
وطرحت الرئاسة البرازيلية للمؤتمر المنعقد في بيليم منذ الأسبوع الماضي، مسودة اتفاق في اليوم الأخير لكن مع إغفال نقطة رئيسية، إذ لم تتضمّن عبارة “مصادر الطاقة الأحفورية”، فضلا عن عدم تطرقها إلى “خارطة الطريق” التي طالب بها ما لا يقل عن 80 دولة أوروبية وأمريكية لاتينية وجزرية.
وقال مفوض المناخ في الاتحاد الأوروبي فوبكي هوكسترا إن التكتل لا يستبعد أن ينتهي مؤتمر المناخ “بدون اتفاق”، لأن مسودة النصّ التي قدّمتها الرئاسة البرازيلية ليست طموحة بما يكفي بشأن خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وقالت وزيرة التحوّل البيئي الفرنسية مونيك باربو في رسالة إنّ “هذا النصّ مخيب للآمال، فهو لا يذكر الوقود الأحفوري المسؤول عن أكثر من 80% من الاحترار المناخي. هذا إغفال غير مفهوم في ظل حال الطوارئ المناخية”.
– صفحة بيضاء –
رفضت منظمات غير حكومية مسودة المشروع فورا. وعلقت تريسي كارتي من منظمة “غرينبيس” بالقول إنّ “المسودة أشبه بصفحة بيضاء، لا تتضمّن سوى القليل لسدّ النقص في الطموح للحدّ من الاحترار عند 1,5 درجة مئوية، أو لدفع الدول إلى تسريع التحرك”. ووصف الصندوق العالمي للطبيعة النصّ بأنه “مخيب جدا للآمال”.
وبحسب مفاوض رفض ذكر اسمه، عارضت الصين والهند والسعودية ونيجيريا وروسيا بشدة أي خارطة طريق.
واتّهمت فرنسا روسيا والهند والسعودية بعرقلة أي تقدّم نحو التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، في حين حذّرت ألمانيا من أن المفاوضات بشأن نصّ طموح ستكون “صعبة”.
وقالت مونيك باربو “ما هي أهم الدول المعرقلة؟ جميعنا نعرفها. إنها الدول المنتجة للنفط بالطبع. روسيا والهند والسعودية. لكن انضمت إليها دول ناشئة كثيرة”.
وقال وزير البيئة الألماني كارستن شنايدر “لا يمكن أن يبقى النصّ على حاله”، محذرا من أن “المفاوضات ستكون صعبة”.
وخلال الليل، اعتبرت نحو ثلاثين دولة، منها فرنسا وألمانيا وكولومبيا، أنّ هذا الأمر غير مقبول، وهددت بعرقلة مسودة الاتفاق، في رسالة موجهة إلى رئيس المؤتمر أندريه كوريا دو لاغو.
وكتبت هذه الدول “لا يمكننا دعم نصّ لا يتضمّن خارطة طريق لانتقال عادل ومنظم ومنصف نحو التخلي عن الوقود الأحفوري”.
– الوقود الأحفوري –
أجرى البرازيليون، المتأخرون أصلا عن جدول الأعمال، مشاورات طوال الليل.
وسيتعيّن عليهم مواصلة المفاوضات الجمعة، في ظل مهمة شاقة من أجل التوصل إلى توافق بين 194 دولة والاتحاد الأوروبي، لاعتماد سلسلة من النصوص بالإجماع، على ما تجري العادة في مؤتمرات المناخ.
وتقضي “خارطة الطريق” بتسريع التخلص التدريجي من النفط والفحم والغاز، المسؤولة بشكل كبير عن التغير المناخي، بهدف المضي قدما في الالتزام بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري عملا بما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين قبل عامين.
وأعاد الرئيس البرازيلي هذه القضية إلى الواجهة الأربعاء خلال زيارته بيليم.
وقال كوريا دي لاغو إن “أولئك الذين يشكّون في أن التعاون هو أفضل ما يمكن القيام به من أجل المناخ سيكونون مسرورين للغاية لرؤية عجزنا عن التوصل إلى اتفاق”.
ورفع كوريا دي لاغو، عصرا، جلسة استمرّت أكثر من أربع ساعات، وأعطى الوفود استراحة لتناول الطعام، طالبا استغلال الوقت للتفكير في الحلول التي يمكن طرحها، وفق ما أفاد مشاركون.
ومنذ العام 2003، لم ينجح أي مؤتمر أطراف في إنهاء أعماله في الموعد المحدد.
– حريق في أسوأ توقيت –
تسبّب حريق الخميس بإخلاء مكان انعقاد المؤتمر في بيليم لساعات طويلة، ما أدى إلى إضاعة وقت ثمين في أسوأ توقيت ممكن. ولم يُفتَح الموقع مجددا إلا مساء بعد معاينة عناصر الإطفاء المكان. أما المفاوضات التي كانت أصلا تسير بصعوبة، فلا يُتوقَّع أن تُستأنف بالكامل قبل صباح الجمعة.
ويشكل الحريق ثالث حادث يُعطّل مؤتمر الأمم المتحدة الذي انطلق الأسبوع الفائت في هذه المدينة الرئيسية التي تُعدّ رمزا للأمازون الحضرية. فقد أدى اقتحام متظاهرين من السكان الأصليين مكان انعقاد المؤتمر، ثم إغلاق المداخل، إلى تعطيل أعمال القمّة التي تنظمها البرازيل بالتعاون مع الأمم المتحدة.
واندلع الحريق قرابة الساعة الثانية ظهرا بالتوقيت المحلي (17,00 بتوقيت غرينتش) في وسط الموقع المؤلف من خيام ضخمة مُكيّفة في باركي دا سيدادي.
في غضون دقائق، التهمت نيران هائلة جزءا من سقف قسم الأجنحة الوطنية. وكان جناح دول شرق أفريقيا من الأجنحة التي دمّرها الحريق.
وقامت أجهزة الطوارئ بمعالجة تسعة عشر شخصا إثر تنشقهم دخانا كثيفا، فيما أصيب شخصان بنوبات هلع، وفق وزارة الصحة.
(أ ف ب)