المدى/خاص
تصاعد الجدل السياسي في العراق حول احتمالات تأجيل الانتخابات المحلية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، بعد أن أثار قياديون في ائتلاف دولة القانون مخاوف من وجود أطراف تسعى للاستفادة من أي تأجيل محتمل، في وقت يؤكد فيه محللون أن الانتخابات ستُجرى في موعدها المحدد، وأن أي تأجيل سيكون مخالفاً للدستور ويهدد استقرار النظام السياسي.
وقال القيادي في ائتلاف دولة القانون، حيدر اللامي، إن “هناك من يسعى للاستفادة من تأجيل الانتخابات، ومن الواضح أن طرفاً معيناً سيكون المستفيد الأكبر من أي تأجيل قد يحصل في العملية الانتخابية المقرر إجراؤها في تشرين الثاني المقبل”، مشيراً إلى أن “تأجيل الانتخابات سيدخل العراق في متاهات دستورية معقدة، إذ لا يمكن التكهن بالجهة أو الشخصية التي ستتولى تحديد الموعد الجديد للاقتراع، كما أن البلاد ستنجر إلى تفاصيل وإشكاليات بعيدة تماماً عن الوضع الحالي”.
وأوضح اللامي في حديث تابعته (المدى)، أن “إجراء الانتخابات في وقتها هو الضمانة الأساسية لاستمرار العملية السياسية واستقرار مؤسسات الدولة، لأن أي تأخير سيُعد خرقاً واضحاً للتوقيتات الدستورية وللقوانين النافذة، فضلاً عن أنه سيضعف ثقة الناخبين بالعملية الانتخابية ويزيد من حالة الإحباط الشعبي”.
من جانبه، رأى المحلل السياسي يوسف الندا، في حديث لـ(المدى) أنه “لا يمكن تأجيل الانتخابات تحت أي ظرف، لأنها باتت استحقاقاً دستورياً وسياسياً لا يحتمل التأجيل”، مبيناً أن “الحكومة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات أكملتا أغلب التحضيرات اللوجستية والفنية، كما أن مجلس النواب لم يصدر أي قرار أو توصية تشير إلى وجود نية لتأجيل موعد الاقتراع”.
وأضاف الندا أن “القوى السياسية التي تراهن على التأجيل تسعى فقط لإعادة ترتيب أوراقها الانتخابية أو معالجة أزماتها الداخلية، لكنها لا تملك غطاءً قانونياً لتأجيل الموعد”، لافتاً إلى أن “التجربة الانتخابية في العراق أثبتت أن أي تأجيل يؤدي إلى إرباك سياسي واحتقان جماهيري، كما حصل في فترات سابقة، عندما تسبب التأجيل في تمديد عمر المجالس المحلية من دون غطاء دستوري واضح”.
ويأتي الجدل بشأن الانتخابات المقبلة في ظل أجواء سياسية معقدة تشهدها البلاد، إذ ما تزال بعض القوى تطالب بتعديل قانون الانتخابات أو إعادة النظر في آليات العد والفرز الإلكتروني، فيما تتمسك قوى أخرى بضرورة الالتزام بالمواعيد المحددة مسبقاً، لتجنب الدخول في فراغ إداري ودستوري.
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد أعلنت في وقت سابق، أنها أنجزت أكثر من 90% من الاستعدادات الفنية، بما في ذلك تحديث سجلات الناخبين وتوزيع بطاقات الناخب البايومترية، مؤكدة أن الموعد المحدد للاقتراع في تشرين الثاني المقبل “نهائي ولا تغيير عليه حتى الآن”.
كما أشارت مصادر برلمانية إلى أن تأجيل الانتخابات يتطلب تعديلاً قانونياً يمر عبر مجلس النواب، وهو أمر معقد في ظل التباين السياسي الحاد وصعوبة تحقيق النصاب اللازم لذلك، خاصة أن معظم القوى داخل البرلمان تعتبر الانتخابات وسيلة لتجديد شرعيتها السياسية أمام جمهورها.
وبين هذه المواقف المتضادة، يبقى الشارع العراقي مترقباً لما ستؤول إليه المشاورات السياسية خلال الأسابيع المقبلة، في وقت يتطلع فيه الناخبون إلى انتخابات نزيهة وشفافة تعيد الثقة بالعملية الديمقراطية وتفتح الباب أمام إصلاحات حقيقية في بنية الإدارة المحلية.
وبحسب مراقبين، فإن المؤشرات الحالية ترجّح بقاء الموعد الانتخابي في مكانه، وسط تأكيد حكومي على الالتزام الكامل بالجدول الزمني المعد سلفاً، ما لم تطرأ تطورات استثنائية خارجة عن الإرادة السياسية والإدارية.