القدس ـ تونس: أفاد ناشطون مدنيون من “أسطول الصمود” لكسر الحصار عن قطاع غزة بتعرضهم لانتهاكات أثناء احتجازهم غير القانوني في إسرائيل، بينها تعذيب وحرمان من الماء ونزع الحجاب، ورفض تواصلهم مع محامين، بحسب إعلام عبري الاثنين.
وقبل أيام، هاجم الجيش الإسرائيلي عشرات السفن التابعة للأسطول في المياه الدولية قبالة غزة، وصادر مساعدات إنسانية، واحتجز بشكل غير قانوني أكثر من 500 ناشط مدني من جنسيات عديدة، ورحلّ بعضهم.
وتغلق إسرائيل منذ 2 مارس/ آذار الماضي المعابر المؤدية إلى غزة مانعة دخول أي مواد غذائية أو مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده.
وأحيانا تسمح إسرائيل بدخول مساعدات قليلة جدا لا تنهي المجاعة، لا سيما مع تعرض معظم الشاحنات للسطو من عصابات تقول حكومة غزة إن إسرائيل تحميها.
“لقد عذبونا“
صحيفة “هآرتس” العبرية قالت إن “عشرات المحاضر لمعتقلين مَثُلوا أمام محكمة مراجعة الاحتجاز الإسرائيلية تُظهر أن معظمهم قالوا إنهم مُنعوا من استشارة محامٍ قبل جلسات الاستماع، ورفضوا التحدث مع القضاة”.
وتابعت: “اعترض المحامون القلائل الذين حضروا الجلسات من حيث المبدأ على تطبيق قانون الدخول الإسرائيلي على أفراد أُدخلوا إلى الأراضي الإسرائيلية رغما عنهم من جانب القوات العسكرية، ولكن القضاة رفضوا هذه الحجة”.
الصحيفة نقلت عن ناشط نرويجي معتقل – لم تسمه – قوله للقاضي إيتيل جيفاون: “وضعونا في حر شديد، وحرمونا من الماء”.
وأضاف: “حرصوا على أن نشعر بعدم الراحة، وعندما حاولنا النوم طلبوا (القائمون على السجن) من ضباط شرطة أن يصرخوا علينا. لقد عذبونا”.
نزع الحجاب
“وصفت إحدى المحتجزات تعرضها لشتائم من موظفي أمن السجن الذين نزعوا عنها حجابها بالقوة، كما شهدت أخرى بأنها أُجبرت على خلع حجابها”، وفقا للصحيفة.
وقالت محتجزة ثالثة، وهي يونانية: “طلبتُ محاميا فقالوا لي أن أبحث عن محامٍ في غزة وحرموني من الماء، لقد عذبوني، هذه ليست دولة ديمقراطية، أريد التحدث مع السفارة”.
وتابعت: “لا أستحق هذه المعاملة، لستُ مجرمة. في سالونيك (باليونان)، توجد جالية يهودية كبيرة عانت في ظل النازية، وقد شاركتُ في أنشطة مع جماعات يهودية”.
ضرب من الشرطة
كما تحدث معتقلان آخران عن عنف الشرطة، فقال إيطالي إنه تعرض للضرب في الميناء (أسدود) على يد الشرطة، فيما أفاد ناشط صربي بتعرضه للضرب أثناء نقله إلى حافلة.
وبحسب هآرتس، “ظهرت في شهادات عديدة شكوى المعتقلين المتكررة من حرمانهم من الماء من جانب مصلحة السجون”.
وأضافت: “تُظهر المحاضر أن جلسات الاستماع عُقدت بتتابع سريع، لدرجة أن أقوال المعتقلين في قاعة محكمة القاضية راشيل شرم كانت شبه متطابقة”.
وتابعت: “في جلسات عدة، وردت أقوال المعتقلين على النحو التالي: يطلب العودة إلى بلده، يحمل جواز سفر ساري المفعول، يطلب مكالمة هاتفية”.
وأردفت: “في كل جلسة، صرّح المشاركون من بلدان مختلفة: أحتاج إلى ماء وفراش. أحتاج إلى ماء وطعام. أنا عطشان”.
وأضافت أنه “ظهرت شهادات مماثلة (في هذا الشأن) من ناشطين من هولندا وليبيا وبولندا ودول أخرى”.
بلا محام
ومن الشكاوى المتكررة أيضا منع الناشطين المحتجزين من الاستعانة بمحام، وفقا للصحيفة التي قالت: “تشير المحاضر إلى عدم اليقين بشأن حضور المحامين”.
وتابعت: “وبينما تُشير سجلات إلى وجود محامين يمثلون المعتقلين، تشير أخرى إلى أن معتقلين عديدين رفضوا التحدث لحين تمكنهم من استشارة محاميهم”.
وبحسب الصحيفة “عُقدت مئات الجلسات خلال عطلة نهاية الأسبوع”، واستعرضت 288 محضرا قضائيا يتعلق بمعتقلي “أسطول الصمود”.
والأحد، أفادت منظمة “عدالة” الحقوقية الفلسطينية في إسرائيل، والتي تمثل معظم الناشطين المعتقلين، بيانا يرصد جانبا من الانتهاكات بحقهم.
وتحدثت المنظمة، نقلا عن شهادات معتقلين، عن تقييد الأيدي لساعات وإجبارهم على الجلوس أو الركوع تحت أشعة الشمس، والتعرض للركل والضرب، والإساءة اللفظية ذات الدلالات العنصرية.
شهادة تونسي: إسرائيل جوعتنا وشربنا من الصرف الصحي
وفي شهادته قال الناشط التونسي محمد علي محيي الدين، الذي أفرجت عنه إسرائيل بعد احتجازه غير القانوني من “أسطول الصمود” العالمي، إنه وبقية المشاركين تعرضوا لتعنيف وتجويع، وإنهم شربوا من مياه الصرف الصحي.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها محيي الدين قائد سفينة “أمستردام” لوسائل إعلام تونسية مساء الأحد، بمطار تونس قرطاج الدولي بالعاصمة، بعد ترحيله من إسرائيل.
ومساء الأحد، وصل 10 ناشطين تونسيين من إجمالي 25 مشاركا بأسطول الصمود، إلى مطار قرطاج الدولي بعد إفراج إسرائيل عنهم، عقب اعتقالهم خلال إبحارهم نحو قطاع غزة لمحاولة كسر الحصار عن الفلسطينيين.
وقد عجّ مطار قرطاج بمئات المواطنين الذين كانوا في استقبال الناشطين المفرج عنهم، حيث استقبلوهم بالورود والهتافات والتصفيق، رافعين الأعلام التونسية والفلسطينية.
والتونسيون المفرج عنهم هم: محمد علي محي الدين، وعزيز ملياني، ونور الدين سلواج، وعبد الله المسعودي، وحسام الدين الرمادي، وزياد جاب الله، إلى جانب حمزة بوزويدة، ومحمد مراد، وأنيس العباسي، ولطفي الحجي.
وقال محيي الدين إن “رحلة التحقيق من قبل الجيش الإسرائيلي كانت متعبة وطويلة”.
وأضاف أن “الإسرائيليين بلا إنسانية، حيث كان يطعمون ناشطي أسطول الصمود قطعة خبز صغيرة في الصباح، وقطعة خبز صغيرة كوجبة ثانية، أما الماء فكان من المجاري (الصرف الصحي)”.
وتابع: “تعرضت للتعنيف عندما قلت لهم إننا سنأتي إلى غزة في موجات”.
الناشط التونسي أشار إلى أنه “لابد من العمل على العودة إلى غزة في أقرب الأوقات، ولا بد من تكرار التجربة كل شهر أو شهرين”.
ووصف محيي الدين الجنود الإسرائيليين بالضعفاء، قائلا إن “الكيان الصهيوني (إسرائيل) أوهن من بيت العنكبوت، وجنوده غير مؤهلين للعمل في البحر، لقد رأيتهم يتقيؤون على السفينة”.
وأردف: “عند اقتحام السفينة كان الجنود لا يعرفون كيف يتعاملون مع السفينة، ولا يستطيعون تشغيل محركها”.
ومتحدثا عن خوف الجنود، قال محيي الدين: “عندما اشتغل جهاز إنذار في السفينة ارتعب جندي إسرائيلي، ورأيت زميله يتبول من الخوف” .
وقبل أيام، هاجم الجيش الإسرائيلي عشرات السفن التابعة للأسطول في المياه الدولية قبالة غزة، وصادر مساعدات إنسانية، واحتجز بشكل غير قانوني أكثر من 500 ناشط مدني من جنسيات عديدة، ورحلّ بعضهم.
وتغلق إسرائيل منذ 2 مارس/ آذار الماضي المعابر المؤدية إلى غزة مانعة دخول أي مواد غذائية أو مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده.
وأحيانا تسمح إسرائيل بدخول مساعدات قليلة جدا لا تنهي المجاعة، لا سيما مع تعرض معظم الشاحنات للسطو من عصابات تقول حكومة غزة إن إسرائيل تحميها.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة، خلّفت 67 ألفا و160 شهيدا و169 ألفا و679 مصابا معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 460 فلسطينيا بينهم 154 طفلا.
(الأناضول)