تداعيات التوجهات السياسية الأميركية الجديدة على العراق


لندن/مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية

تشير المعطيات إلى أن الولايات المتحدة تنوي خلال الفترة المقبلة العمل وفق خطة عامة لمنع تشكيل الفصائل المسلحة في أي دولة من دول الشرق الأوسط، وهي خطوة تأتي تزامنًا مع تصاعد وتيرة المباحثات السياسية والأمنية غير المباشرة في مصر بين حركة حماس وإسرائيل.
وأشار مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في لندن من خلال ورقة تقدير موقف بحثية إلى أن هذه النقطة ستشكل علامة فاصلة في موازين القوى الإقليمية، خاصة في العراق وإيران، فضلاً عن إمكانية تأثيرها في فلسطين والسودان وسوريا.
وأكدت الورقة أن الولايات المتحدة، وفق خطتها الاستراتيجية، تعمل على تكثيف الضغوط على العديد من الدول العربية، وعلى رأسها العراق، من أجل تفكيك الفصائل المسلحة، التي تعتبرها واشنطن أحد العوائق الرئيسية لتحقيق الاستقرار.
وأشار تقييم الورقة إلى أن العديد من الخبراء السياسيين والعسكريين في العراق يؤكدون أن بعض هذه الفصائل تتمتع بدعم مباشر وغير محدود من طهران، وأنها تمثل آخر “ذراع” لإيران في المنطقة.
وترى الورقة أن هذه الذراع باتت مهمة للغاية في ظل حالة الضعف والإنهاك التي تعاني منها تنظيمات مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، فضلاً عن التحركات الاستراتيجية التي تقوم بها أطراف سياسية في إيران لتوسيع نفوذ هذه الفصائل في العراق والمنطقة.
وتوضح الورقة أن إصرار واشنطن على تفكيك هذه الفصائل يعكس إدراكًا أميركيًا أن بقاءها يُكرّس حالة الاضطراب في العراق.
البعد السياسي والإقليمي
وتشير الورقة إلى أن هذه القضية ستلعب دورًا محوريًا في الانتخابات المقبلة، حيث ستصبح قضية الفصائل المسلحة عنوانًا رئيسيًا في الحملات السياسية. وستسعى القوى السياسية المرتبطة بمصالح إقليمية، ومنها إيران، لاستغلال هذه القضية لتعزيز موقعها، معتبرة أن تجريد الفصائل من سلاحها يمثل اعتداءً على السيادة العراقية، بينما ستطرح قوى أخرى هذه الخطوة كضرورية لاستعادة الدولة وتحقيق الاستقرار، وهو ما بدأ تناوله في العديد من التقارير والمقالات والأبحاث السياسية داخل العراق.
وعلى المستوى الإقليمي، ترى الورقة أن توقيع هذه الخطة سيعزز موقع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ويدعم جهود إعادة ترتيب التحالفات. لكن في المقابل، سيؤدي ذلك إلى تصعيد الصراع بين واشنطن وبعض الأطراف الإقليمية، إذا رأت أن الخطة تهدد نفوذها الاستراتيجي، وهو تصعيد قد يمتد إلى ساحات أخرى مثل سوريا ولبنان واليمن.
الخاتمة
وتصل الورقة في النهاية إلى إن بلورة أو تنفيذ هذه الاستراتيجية الأميركية يمثل حدثًا ذا أبعاد استراتيجية عميقة. فإلى جانب تأثيره المباشر على بنية الأمن العراقي، فإنه سيعيد تشكيل موازين النفوذ في المنطقة، ويضع العراق في قلب صراع إقليمي جديد بين قوى كبرى، مع تأثير واضح على المشهد السياسي والانتخابي في بغداد.



Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *