إيال زيسر
خطة ترامب لقطاع غزة التي اعتمدها نتنياهو أيضاً ورحبت بها دول العالم، بما فيها الدول العربية، هي إنجاز مهم لإسرائيل في الطريق إلى تحقيق ثلاثة أهداف مركزية:
الأول، تحرير فوري وغير مشروط لمخطوفينا الذين تحتجزهم حماس في غزة، منذ المرحلة الأولى من الخطة.
الثاني، إنهاء القتال في غزة المتواصل منذ أشهر طويلة دون جدوى أو هدف عسكري محدد قابل للتحقيق مثلما يكرر ويشرح لها قادة الجيش؛ الأمر الذي يؤدي إلى مس شديد في مكانة إسرائيل الإقليمية والدولية.
وأخيراً، أن خطة ترامب تضمن استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل، وهو الذخر الأهم والأخير الذي بقي في أيدينا اليوم.
من المؤسف أن نكتشف بأن الخطة كانت على الطاولة منذ أشهر طويلة، والآن – بضغط الرئيس الأمريكي –تخرج إلى حيز التنفيذ بعد أن تلقت مباركة إسرائيل والدول العربية.
من المؤسف أن نكتشف بأن الخطة كانت على الطاولة منذ أشهر طويلة، والآن – بضغط الرئيس الأمريكي –تخرج إلى حيز التنفيذ
لكن ينبغي الاعتراف بصدق بأن عناصر غير قليلة في الخطة ينبغي أن تشعل أضواء تحذير.
أولاً، يدور الحديث عن خطة دولية فرضتها الولايات المتحدة على إسرائيل بإسناد الأسرة الدولية والعالم العربي، أو على لسان ترامب – صديقيه العزيزين، أمير قطر، ورئيس تركيا. هدف الخطة مذكور فيها صراحة – إقامة دولة فلسطينية، هدف يبدي الرئيس ترامب التزاماً كاملاً به، وهذه هي المرة الأولى التي يبدي فيها رئيس أمريكي التزاماً بهدف كهذا. وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل ادعت على مدى سنوات بأن السبيل الوحيد لتحقيق السلام إجراء مفاوضات مباشرة بيننا وبين العرب، وليس من خلال “سلام مفروض” يفرضه علينا العالم ولا يأخذ ب مصالحها الأمنية والقومية الحسبان.
ثانياً، تدعو الخطة إلى نشر قوات دولية بل وعربية في قطاع غزة، يفترض بها أن تضمن أمننا، الأمر الذي عارضناه بشدة من قبل. بعد كل شيء، فإن القوات الدولية مثل اليونيفيل في لبنان وقبل ذلك قوة الأمم المتحدة على حدود غزة قبل حرب الأيام الستة، تتضمن طبيعة للاختفاء عندما نحتاجها. وفضلاً عن ذلك، يشكل وجودها عائقاً في وجه الجيش الإسرائيلي يصعب عليه معالجة تهديدات على أمننا في المناطق التي تعمل فيها هذه القوات الدولية.
بالطبع، يمكن الاستخفاف بالموضوع كله، والأمل في تنفيذ حماس بنود الخطة أو استغراق خطوة إقامة سلطة فلسطينية جديدة تتحدث عنها الخطة سنوات، هذا إذا تحققت. لكن لا يمكن التنكر لحقيقة أن الخطة تضع خريطة طريق نحو هدف واضح لم يذكر قط حتى في اتفاق أوسلو – إقامة دولة فلسطينية. من هذه الناحية، ستشكل حتى تراجعاً عن “صفقة القرن” من العقد السابق، التي اعترف فيها بضم أجزاء مهمة من “يهودا والسامرة” إلى إسرائيل. الآن، لا توجد كلمة عن هذا، وحتى إن ترامب علن بأنه سيعارض أي ضم كهذا.
اتفاق أوسلو بكل إخفاقاته كان اتفاقاً أبقى على المبادرة والتحكم الكامل في الميدان وبسياق الأحداث في أيدي إسرائيل. أما الآن، فالمفتاح في يد رئيس الولايات المتحدة ودول لا نعدها صديقة.
لكن من اللحظة التي أعطت فيها إسرائيل موافقتها على الخطة، لم يعد الأمر في أيدينا. يمكن أن نندم على خطيئة أن الحكومة امتنعت طوال السنتين الأخيرتين عن الدفع قدماً بمخطط لليوم التالي في غزة بشروط مريحة لإسرائيل.
ينبغي إذن التركيز على نصف المليء من الكأس، والتأكد من أن سياسة تسامح واحتواء لخروقات الاتفاق ونشوء متجدد للإرهاب مثلما حصل بعد اتفاق أوسلو، لن تكرر نفسها هذه المرة أيضاً. وبالأساس، ينبغي استغلال الهدنة في المعارك لترميم مكانة إسرائيل الإقليمية والدولية، وترميم المجتمع الإسرائيلي والجيش الإسرائيلي بعد ثلاث سنوات من الخلاف والتدمير الذاتي.
إسرائيل اليوم 5/10/2025