توقيت إعلان ترامب عن خطة غزة مقصود ليتزامن مع موسم نوبل.. والسؤال هل ستكون قابلة للتطبيق؟


لندن  ـ “القدس العربي”:

نشرت مجلة “ذي نيويوركر” مقال رأي للمعلقة روبن رايت، تساءلت فيه إن كانت خطة السلام لغزة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب  قابلة للتطبيق. وأكدت أنها تشك في ذلك، لكنها على أي حال تمثل رأس مال سياسي يوزن بـ”الذهب” لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأشارت إلى إن الرئيس ترامب الميال عادة للمبالغة في كل ما يقوله، كان متفائلا جدا عندما أعلن هذا الأسبوع عن عن خطته الجديدة للسلام في الشرق الأوسط قائلا بأنها: “ربما تكون أحد أعظم أيام الحضارة الإنسانية”.

وشددت الكاتبة على أن توقيت إعلان ترامب عن خطة غزة كان مقصودا، فلطالما أعرب ترامب عن رغبته بالحصول على جائزة نوبل للسلام، حيث نشر البيت الأبيض قائمة بالدول والحكومات التي تدعمه للحصول على الجائزة التي سيعلن عنها في 10 تشرين الأول/أكتوبر.

 وذكرت الكاتبة أن هذه الخطة، المكونة من عشرين نقطة، صممت بشكل طموح، وإن كانت مبهمة، لإنهاء الحرب الدائرة منذ قرابة عامين في غزة وإعادة جميع الأسرى أحياء وأمواتا، وتشكيل لجنة لإدارة القطاع ونزع سلاح حماس والقضاء في نهاية المطاف على “أي خطر على المنطقة”.

وتدعو الخطة القوات الإسرائيلية إلى الانسحاب من غزة على مراحل، لكنها ستسمح لها بالحفاظ على محيط أمني غير محدد حتى يختفي “التهديد الإرهابي المتجدد”. وقال ترامب يوم الاثنين، بينما كان يثرثر لنصف ساعة من على منصة في الغرفة الشرقية بالبيت الأبيض: “هذه أبدية”  و “هذا إلى الأبد”.

وبالمناسبة، كشف ترامب أنه سيترأس “مجلس سلام” دولي جديد لمراقبة تنفيذ الخطة. وقال: “ليس بناء على طلبي، صدقوني، أنا مشغول جدا، لكن علينا التأكد من نجاح هذا الأمر”. و زعم ترامب أنه لم ينجح أي زعيم آخر في تاريخ الشرق الأوسط الممتد لآلاف السنين في تحقيق سلام دائم. لكنه فعل.

 وتقول رايت إن وصف ترامب لمنصبه الجديد كـ “رئيس مجلس” يذكر بإصراره، في وقت سابق من هذا العام، على تحويل غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”.

وأعقب هذا الإعلان فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي يصور منتجعا جديدا لترامب، على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، بعد إزالة الأنقاض، حيث تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 90% من المباني السكنية في غزة قد تضررت أو دمرت.

وأشارت الكاتبة إلى أنه في الساعات الأربع والعشرين الأولى بعد إعلان ترامب عن خطته، قتل عشرات الفلسطينيين وجُرح أكثر من مئة، مع توغل القوات الإسرائيلية في عمق مدينة غزة، عاصمة القطاع. وقتل أكثر من 66,000 فلسطينيا، أي ما يقرب من 3% من سكان غزة، في الحرب.

 ونقلت الكاتبة عن دانيال ليفي، المفاوض الإسرائيلي السابق الذي يقود الآن مشروع الولايات المتحدة/ الشرق الأوسط:”إذا لم يكن هذا ليحدد مصير هذا العدد الكبير من الناس، فإن تعيين ترامب نفسه لرئاسة مجلس السلام [مع رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني] بلير كمرؤوس له سيكون بمثابة كوميديا ​​​​رائعة”.

ومن المقرر أن يبدأ تطبيق الخطة، لو وافقت عليها حماس في غضون 72 ساعة بعودة الأسرى جميعا والإفراج عن ألالاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وذكرت تقارير يوم الأربعاء أن حماس منفتحة على الخطة، لكن لديها تحفظات حول الإفراج عن الأسرى ونزع سلاحها.

وزعم  ترامب أن الخطة قد حظيت بالفعل بتأييد دول أخرى في الشرق الأوسط. وقال: “شركاؤنا العرب والمسلمين مستعدون تماما لتكثيف الجهود والوفاء بالتزاماتهم لصالح شعب غزة والمنطقة بأسرها”. وتابع ترامب أنه بصفته رئيسا لمجلس الإدارة، سيتعاون “مع بعض الأشخاص الأذكياء للغاية” لضمان “أننا لم نضيع الوقت فقط في اتفاقية لم يتم تنفيذها”.

وأشار المفاوض الأمريكي السابق أرون ديفيد ميلر، إلى أن بنيامين نتنياهو حاول في المؤتمر الصحافي مع ترامب، لعب دور “الذكي”من خلال إعادة صياغة خطة ترامب بما يتناسب مع احتياجاته وقيوده.

ورغم كل الآمال التي يعقدها الإسرائيليون والفلسطينيون على الخطة، إلا هناك تحفظات وسط الخبراء والدبلوماسيين السابقين، وقال ميلر: “حتى لو قبلت حماس، فإن حجم المفاوضات والجدال والمناورات السياسية ستستغرق أسابيع، إن لم تكن أشهرا، دون نتيجة واضحة”.

وأضاف ليفي أن اقتراح ترامب “يفتقر إلى التفاصيل الدقيقة”، مثل الجداول الزمنية لما بعد الـ 72 ساعة الأولى أو خرائط توضح الانسحابات الإسرائيلية أو تفاصيل حول إدخال قوة استقرار دولية، كما هو منصوص عليه. وقال ليفي: “سيفترض نتنياهو، وهو محق، أن لديه مجالا واسعا للمناورة لتحويل الموافقة الإسرائيلية الأولية إلى مزيد من التعطيل والتعكير خلال المحادثات التفصيلية”.

ويعتقد دانيال كيرتزر، السفير الأمريكي السابق في إسرائيل والمحاضر حاليا بجامعة برنستون، أن إسرائيل وحماس لا ترغبان في إنهاء الحرب. وأضاف أن ترامب “يحب” كما هو واضح دراما الإعلان، لكن الرئيس لا يفهم أنها تخضع “لآراء مختلفة تماما حول التفاصيل، وربما لمفاوضات مطولة”. وقال كيرتزر إن الاختلافات لا تزال “عميقة”.

 ويرى جيريمي بن عامي، من منظمة “جيه ستريت”، وهي منظمة مؤيدة لإسرائيل ومؤيدة للسلام في واشنطن العاصمة، إن حماس من المرجح أن ترى الخطة على أنها “استسلام تفاوضي”. وأوضح ترامب أنه إذا رفضتها حماس أو طالبت بتغييرات، فسوف يسمح لنتنياهو بفعل كل ما يلزم “لإنهاء المهمة”.

والجدير بالذكر أن ترامب ونتنياهو رفضا الإجابة على أي أسئلة في نهاية المؤتمر الصحافي، وقال ترامب: “نحن ننتظر التوقيعات والموافقات من العديد من الدول المختلفة المشاركة في هذا الأمر”. ولم تذكر الخطة الضفة الغربية، التي يقطنها أكثر من 2.5 مليون فلسطيني. وقد تزايدت المستوطنات الإسرائيلية هناك على حساب المناطق الفلسطينية، بموافقة حلفاء نتنياهو من اليمين المتطرف. ومع ذلك، دعمت السلطة الفلسطينية، التي تحكم أجزاء من الضفة الغربية، خطة ترامب.

وقالت إنها ستجري إصلاحات داخلية لتسهيل “دولة فلسطينية حديثة وديمقراطية وغير مسلحة” تشمل انتخابات جديدة وتسمح “بالانتقال السلمي للسلطة”.

وقد رحب نتنياهو يوم الاثنين بخطة ترامب، التي تدعو إلى “مسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة، وهو ما نعتبره تطلعات الشعب الفلسطيني”، وإن لم يحدد له إطار زمني أو موعد نهائي.

ومن شبه المؤكد إدراك نتنياهو أن الدعم الشعبي الأمريكي لإسرائيل آخذ في التراجع. ففي استطلاع رأي أجرته جامعة كوينيبياك الأسبوع الماضي، لا يزال 47% من المشاركين يرون أن دعم إسرائيل يصب في المصلحة الوطنية الأمريكية، إلا أن هذا يمثل انخفاضا ملحوظا مقارنة بنسبة 69% التي سجلت عقب أحداث 7  تشرين الأول/أكتوبر. وكما هو الحال في استطلاع الأسبوع الماضي: 21% فقط من الأمريكيين لديهم نظرة إيجابية تجاه نتنياهو. كما أظهر استطلاع جديد آخر، أجرته صحيفة التايمز وجامعة سيينا، أن عدد الأمريكيين الذين يؤيدون الفلسطينيين يفوق عددهم مع إسرائيل، وهي سابقة في هذا الصدد. وفي تحول جذري، عارضت أغلبية أيضا إرسال المزيد من المساعدات إلى إسرائيل، الحليف الأقرب للولايات المتحدة في الشرق الأوسط منذ زمن طويل.



Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *