هكذا حولت إسرائيل “أوسلو” إلى مطية لممارسة إرهابها على كل ما هو فلسطيني


عميرة هاس

ما زال اتفاق أوسلو حياً، واستنفاده الكثيف يساعدنا يومياً. صراخ التنين الذي يطلقه اليمين لن يشطب حقيقة أنه أحد الإنجازات الكبيرة للكيان اليهودي بين البحر والنهر.

إذا أرادت إسرائيل فمن يمنعها من أن تقرر بأن الاتفاق ما زال ساري المفعول، وأن الطرف الثاني هو الذي يخرقه، ولذلك يجب معاقبته، كسرقة مداخيل السلطة الفلسطينية من الضرائب على البضائع المستوردة. وإذا أرادت أن تقرر موته فمن يمنعها؟ وحينئذ، يحق لها تغيير قوانين الأراضي بخدعة أخرى تمكن اليهود من السيطرة عليها، وإغلاق معبر الحدود الوحيد أمام الفلسطينيين. ولكن عندما نجرد الاتفاق من السنوات التي انقضت، والكلام المعسول عن السلام، وخصوصية توثيق بنوده وطريقة تنفيذها، فستظهر مبادئه الأساسية التي ما زالت سارية المفعول في الضفة الغربية حتى الآن:

* إسرائيل تواصل، باعتبارها قوة احتلال، السيطرة على الفلسطينيين وعلى مواردهم الطبيعية وحرية حركتهم واقتصادهم. ولكنها ستحصل على إعفاء دولي من واجب اهتمامها برفاه الواقعين تحت احتلالها. أما المسؤولية عن مشكلة الاقتصاد ومشكلة الصحة، التي يخلقها حكمها الأجنبي والمعادي، فستلقى بالكامل على الفلسطينيين وممثليهم ودافعي الضرائب في أوروبا، وعلى الولايات المتحدة هذه المرة أيضاً.

* ستسحب إسرائيل جيشها بالتدريج، بدون موعد مقدس وحدود محددة. في المقابل، سيتوقف الفلسطينيون على الفور عن معارضة الاحتلال وإملاءاته. حتى بدون معسكرات في قلب المدن، فالجيش يسيطر على كل شيء. إسرائيل والمتعاونون معها من تنظيمات اليمين، قالوا للجمهور بأن أي معارضة فلسطينية إرهاب، وإن أساليب المعارضة غير شرعية، وحتى لاسامية. وليس العبوات الناسفة والحجارة فحسب، بل أيضاً الدبلوماسية والاحتجاج الشعبي، والتوجه إلى الهيئات القضائية الدولية، الزراعة، مد أنبوب مياه، بناء خيمة، توسيع مدرسة، إضافة شرفة، الأحاديث والخطابات.

*  محظور على الفلسطينيين الدفاع عن أنفسهم، سواء من الإسرائيليين المسلحين الذين يرتدون الزي العسكري أو اليهود المدنيين المسلحين. هذه القاعدة الفولاذية تسري على أي شخص وعلى أجهزة الأمن الفلسطينية. هكذا، وصلنا برعاية أوسلو إلى رقم قياسي يتم تحطيمه كل يوم، من الهجمات التي ينفذها اليهود الذين يسرهم طردهم لتجمعات كاملة، وبتشجيع من الجنود. السلاح متنوع: من رش الفلفل والبنادق وحتى القطعان، والتراكتورات، والقاصرين الذين يتم إرسالهم للتنكيل بالنساء في الخيام. لا يوجد اتفاق أو قوة دولية أو جهة لها صلاحية روحية تردعهم، وقضاة يطلقون سراحهم.

في القريب ستدخل عصابات اليهود المسلحة هذه إلى قلب المدن الفلسطينية، وسيسير جنود الجيش الإسرائيلي في أعقابها للدفاع عنها من الجمهور الفلسطيني “المملوء بالكراهية والخطير”. هذا سيناريو يتوجه نحو الاستمرارية في المنطقة منذ عشرين سنة. ما الذي سيفعله رجال الأمن الفلسطينيين في حينه؟ إذا امتثلوا للاتفاق واختبأوا في مكاتبهم، فإنهم هم والسلطة التي تشغلهم سيفقدون ما تبقى من كرامتهم وحقهم المشكوك فيه في تسميتهم قيادة. وإذا رفعوا أيديهم ودافعوا عن أنفسهم فإن المسلحين الإسرائيليين الأكثر تدريباً سيقتلونهم. وإذا قاموا هم أو المواطنون الشجعان بقتل أو إصابة أي أحد من الغزاة فسيتم اعتقالهم ومحاكمتهم كمخربين. لأنهم خرقوا اتفاق أوسلو. وعندها ستكون لإسرائيل ذريعة أخرى لتدمير الأحياء والقيام بعملية الطرد الجماعي.

هآرتس 30/9/2025



Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *