رام الله- “القدس العربي”: قال وكيل وزارة الخارجية الفلسطينية عمر عوض الله إن الاعترافات بالدولة الفلسطينية تؤكد أن فلسطين ليست دولة فاشلة، بل دولة تستحق أن يعترف العالم بنضالها وتضحياتها وحقوقها الأساسية.
وأوضح في حديث خاص لـ”القدس العربي” أن الاعترافات بالدولة تدل على أن الدولة الفلسطينية هي متطلب أساسي لأي عملية سلام أو عملية سياسية، وليست مخرجاً لها، وأنها شرط لتنفيذ حل الدولتين وليست نتيجة له.
وشدد، في حديثه الذي تزامن مع انطلاق أعمال المؤتمر الدولي رفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية بالطرق السلمية وتنفيذ حل الدولتين في نيويورك، على أن الاعترافات والمؤتمر يشكلان رسالة واضحة مفادها أنه في ظل التهديد الوجودي للشعب الفلسطيني، تعترف الدول بحق هذا الشعب في الوجود، وفي ظل الإبادة الجماعية تعترف بحقه في الحياة وبحقه في دولة.
وأضاف: “لقد تبددت كل الأوهام التي تتحدث عن إمكانية وجود شرق أوسط جديد من دون أن تكون الدولة الفلسطينية في قلبه، وحقوق الشعب الفلسطيني مُتحققة ومنفذة للوصول إلى حل الدولتين ولشرق أوسط ينعم بالسلام والأمن والازدهار”.
الاعترافات ثمرة جهد دبلوماسي طويل
وحول ما إذا كانت الاعترافات الدولية تعكس ثمرة جهد فلسطيني طويل، قال عوض الله:
“في ظل الجمود السياسي وتعطيل إسرائيل لكافة المرجعيات والأسس، كان لا بد من تحرك سياسي ودبلوماسي وقانوني قادته دولة فلسطين. جاءت البداية بعد ما عُرف بصفقة القرن التي حاولت إقصاء الفلسطينيين وعزل قضايا القدس واللاجئين. آنذاك كان ضرورياً التوجه إلى محكمة العدل الدولية للحصول على الرأي الاستشاري الذي أكد أن إسرائيل قوة احتلال استعماري طويل الأمد، وأن هذا الاحتلال يجب أن ينتهي مع تفكيك المستوطنات وإجلاء المستوطنين عن الأراضي المحتلة”.
وأشار إلى أن قرار المحكمة تضمّن مادة واضحة حول ضرورة عقد مؤتمر دولي لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة وتثبيت حل الدولتين، وهو ما أسس لآلية دولية متعددة الأطراف بعدما فقدت الولايات المتحدة دورها كوسيط نزيه.
المؤتمر الدولي بقيادة السعودية وفرنسا
وعن المؤتمر الدولي الذي تشارك السعودية وفرنسا في رئاسته، قال: “هذا المؤتمر عُمل عليه طويلاً، وجاء ليعكس زخماً سياسياً متعدد الأطراف. اعتمد على ورقة مفاهيمية تضمنت 8 مجموعات عمل، بينها المجموعة السياسية التي شددت على أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو شرط أساسي لأي عملية سلام، وليس مخرجاً لها. ومن هنا جاء الموقف الفلسطيني مدعوماً بالزخم الذي وفرته السعودية وفرنسا في مواجهة الإجرام الإسرائيلي”.
وأضاف: “الرسالة اليوم واضحة: في ظل التهديد الوجودي للشعب الفلسطيني تعترف الدول بحقه في الوجود، وفي ظل الإبادة الجماعية تعترف بحقه في الحياة وبحقه في دولة. لقد انتهى الوهم القائل بوجود شرق أوسط جديد من دون الدولة الفلسطينية”.
الاعترافات الأخيرة وزخم دولي
وعن اعتراف كندا وأستراليا وبريطانيا مؤخراً، قال: “هذا مؤشر على زخم دولي كبير يتعزز في إطار متعدد الأطراف. نثمّن هذه المواقف الشجاعة، ونرى أنها ستشجع دولاً أخرى على الانضمام. نحن لا نرى الاعتراف هدفاً بحد ذاته، بل خطوة مرتبطة بإجراءات عملية لإنهاء الاحتلال وتنفيذ إعلان نيويورك وصولاً إلى سلام إقليمي تكون فيه فلسطين في القلب”.
الملاحظات الفلسطينية والرد على إسرائيل
وبشأن الانتقادات التي تقول إن الاعترافات لم تتطرق بوضوح إلى واقع الضفة الغربية، أجاب: “التهديدات الإسرائيلية ليست جديدة. نحن نعيش الاحتلال منذ 77 عاماً، والإبادة في غزة منذ عامين. إسرائيل ترتكب جرائم متواصلة بحق الفلسطينيين، والحديث عن خطوات انتقامية جديدة مجرد ذر للرماد في العيون”.
أما عن الفلسطينيين الذين يقللون من أهمية الاعترافات، فقال: “لا يجب الاستهانة بأي خطوة. الاعترافات جاءت نتيجة تراكم نضال طويل بالدم والدبلوماسية، وما يثبت أهميتها هو حالة الهستيريا الإسرائيلية كلما جرى الاعتراف بحقوق شعبنا”.
حول الشروط والجدل بشأن حماس
وعن الشروط التي ربطها البعض بالاعترافات، أوضح: “الاعترافات تمت بالدولة الفلسطينية وبمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً. لم تعترف الدول بتنظيمات بل بالشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية. لذلك لا يجب حصر الاعترافات بفصيل أو حزب”.
وعن تصريحات نتنياهو التي وصف فيها الاعتراف بأنه “هدية لحماس”، رد: “هذا كلام فارغ. الاعتراف ليس هدية لأحد بل حق تاريخي للشعب الفلسطيني. العالم يعترف بمعسكر السلام الفلسطيني وبحقه في الدولة والسيادة”.
الخطوات المقبلة
وعن المرحلة المقبلة، أكد عوض الله: “الاستراتيجية مستمرة: العمل السياسي والدبلوماسي والقانوني، إلى جانب التضحيات التي يقدمها شعبنا، هي التي شجعت العالم على الاعتراف بنا. نحن نستوفي كل شروط الدولة، وما يعيق التنفيذ هو الاحتلال”.
وختم بالقول: “الحوار مفتوح مع الدول المترددة. الاعتراف بدولة فلسطين متطلب للسلام والأمن والاستقرار. وسنواصل عملنا مع المجتمع الدولي وحركات التضامن لضمان وحدة الجهود حتى نحقق أهدافنا الوطنية في الاستقلال والحرية”.