غزة – رام الله – لندن – نيويورك – مراسلو «القدس العربي»: دخل قطاع غزة المنكوب عاما ثالثا من حرب الإبادة الإسرائيلية التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي، وما زالت هذه الحرب المتوحشة مستمرة، على الرغم من انطلاق جولة جديدة من المفاوضات في مصر تستند إلى خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي قبلت بها إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية «حماس».
وتكشف معطيات لعامين من القتل والتدمير اللذين مارستهما إسرائيل، أرقاما مرعبة، بحيث تجاوز عدد الشهداء والمفقودين منذ بدء الإبادة الجماعية 76.639 شخصا، وفق السلطات المحلية في غزة، بينما فاق عدد الجرحى الـ169 ألفا.
وهذه الأرقام قد تكون أقل بكثير من واقع الحال، حسب تحقيق أجرته رويترز، واستند إلى مصادر عدة من بينها تذكير بدراسة أعدتها في دورية «ذا لانسيت» مطلع العام، رجّحت أن تكون الإحصاءات الفلسطينية الرسمية للوفيات المباشرة في حرب غزة أقل من عدد الضحايا بنحو 40 في المئة، بينما قالت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن الأرقام التي تعلنها السلطات الفلسطينية ربما تكون أقل من الواقع، وكذلك هو رأي مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم).
وكان الفلسطينيون الضحية الأولى لهذه الحرب، التي موّلها اقتصاد إبادة تحدثت عنه المقررة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي في تقريرها الصادر في شهر تموز/ يوليو الماضي، ووثقت فيه مساهمة عشرات الشركات العالمية في دعم آلة القتل الإسرائيلية.
وساهم في الحرب تواطؤ وعجز دوليان بررا بداية لإسرائيل وحكومة المتطرفين فيها استباحة الدم الفلسطيني، بزعم الدفاع عن النفس، حتى دمرت دولة الاحتلال 90% من قطاع غزة على رؤوس ساكنيه الذين أصبحت الغالبية الساحقة منهم نازحة.
ودمرت إسرائيل المنظومة الصحية والتعليمية، ودور العبادة، وحاصرت القطاع، وجوّعت سكانه، ومنعت المساعدات، وقتلت طواقم الإغاثة الطبية والصحافيين شهود الحقيقة. ولم يظل سلاح واحد حرمه القانون الدولي الإنساني إلا واستخدمته في ظل بطء آليات العدالة الدولية وعجزها، فكان القانون الدولي الإنساني أحد ضحايا هذه الحرب أيضا.
ويتطلع الفلسطينيون في غزة بعد عامين، إلى نهاية لهذه الحرب تعيد لهم أسباب الحياة، لكن خطة الإعمار دونها تعقيدات سياسية ترتبط بأجندات القوى الدولية الحليفة لإسرائيل ومخططات الأخيرة في القطاع، وفي مقدمتها تهجير الفلسطينيين الذي لا يزال مشروعا يدغدغ أفكار اليمين المتطرف في إسرائيل وحلفائه في العالم.
وتوجد بالفعل خطة عربية لإعادة الإعمار اعتمدتها منظمة التعاون الإسلامي، وشكّلت الحكومة الفلسطينية لجنة خاصة لتنفيذها سميت «غرفة العمليات الحكومية للتدخلات الطارئة».
ويقول السفير الفلسطيني في جامعة الدول العربية مهند العكلوك لـ «القدس العربي»: إن هدف هذه الخطة أولاً هو «إنقاذ الشعب الفلسطيني من المخططات الإسرائيلية الممنهجة لإبادته، وإبقاء الشعب الفلسطيني على قيد الحياة وعلى أرضه». ويوضح أن الحديث يدور حاليا عما يزيد على 65 إلى 70 مليار دولار من التكلفة المباشرة للدمار الذي أحدثته إسرائيل
في هذا الوقت ينتظر الغزيون نتائج اجتماعات في مصر التي انطلقت فيها الجولة الثانية من مفاوضات التهدئة، وسط شكوك في أن تلتزم الحكومة الإسرائيلية بأي تعهد او اتفاق، وفي ظل فجوات تتعلق بأسماء الأسرى الذين تريد حركة «حماس» أن يفرج الاحتلال عنهم، فضلا عن قضايا الانسحاب الذي تسعى إسرائيل إلى تقليصه والإبقاء على وجودها العسكري.
وفي الوقت نفسه، يستمر جيش الاحتلال في قتل الفلسطينيين بشكل يومي، من خلال أعمال القصف التي تقتل وتصيب العشرات يوميا، وفي ظل استمرار حصار التجويع.