بيروت ـ «القدس العربي»: في محاولة لتجنيب لبنان أي حرب جديدة ودعماً لمبادرة الرئيس اللبناني العماد جوزف عون، جال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي على المسؤولين اللبنانيين بدءاً بقصر بعبدا حيث أعرب «عن الخشية من أي احتمالات للتصعيد في لبنان»، مؤكداً «أننا لن نتوقف عن أي جهد لتجنيبه المخاطر».
وقال عبد العاطي بعد اللقاء «نقلت للرئيس عون توجيهات الرئيس السيسي بتقديم مصر كل سبل الدعم والمساعدة وتسخير شبكة علاقات مصر لدعم التهدئة ودعم تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية والعمل على نزع فتيل أي نزاع محتمل.
ونؤكد أهمية التنسيق القائم بين البلدين الشقيقين، وأكدت دعم مصر الكامل لمبادرة الرئيس عون التي أطلقها خلال عيد الاستقلال لجهة استعداد الجيش اللبناني لتسلم كل النقاط في الجنوب».
وأضاف عبد العاطي: «أكدت دعم مصر الكامل لقرارات الحكومة اللبنانية المتعلقة بمسألة حصر السلاح والمقاربات التي يتبناها الرئيس جوزف عون لدعم هذا الهدف»، مشيراً إلى «أن بسط سلطة الدولة أمر مهم جداً وهناك تناغم بين الموقفين المصري واللبناني وفق طرح الرئيس عون»، مشدداً على «أن المطلوب البناء على رؤية الرئيس عون لتجنيب لبنان التصعيد».
وأشار إلى «أننا نوظف شبكة علاقاتنا الإقليمية بكل الأطراف للعمل على الدفع لصالح الحل الدبلوماسي، ونقوم بجهد مكثف لتجنيب لبنان أي عدوان ونحن معنيون باستقرار لبنان وضرورة وقف خروقات إسرائيل لسيادته ووحدة أراضيه».
وتابع عبد العاطي «نحن معنيون بشكل كامل باستقرار لبنان وبتطبيق القرار الأممي 1701 بكل بنوده وجوانبه»، لافتاً إلى «ان الدولة اللبنانية والجيش اللبناني بذلا جهداً كبيراً في الجنوب لبسط سلطة الدولة، وعلى الجميع أن يقدر هذا الامر»، محذراً من «ان المنطقة برمّتها على شفا التصعيد الكامل وهذا لا يخدم أي طرف والدبلوماسية هي الحل».
وختم «كلنا حرص على أمن واستقرار لبنان ونحن نحترم القرار اللبناني بكل مكوناته وعلى الجميع أن يرتقي إلى مستوى المسؤولية والعمل على خفض التصعيد».
عبد العاطي ـــ بري
بعدها انتقل عبد العاطي والوفد المرافق إلى عين التينة للقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وأعلن بعد الزيارة «أننا نعوّل دائماً على حكمة الرئيس بري في تحقيق الاتزان المطلوب والتوازن والعمل أيضاً على تحقيق الاستقرار وخفض التصعيد في لبنان الذي نكنّ له كل المحبة وكل التقدير».
كاتس يهدد: إن لم يسلّم سلاح «الحزب» حتى نهاية العام لا مفر من العمل العسكري
وقال «أقوم بهذه الزيارة بتوجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي للعمل والتأكيد على حرصنا الكامل على لبنان وعلى استقلاله وعلى سيادته وعلى سلامة أراضيه، وهذه الزيارة كما تعلمون هي الرابعة لي في أقل من عام ونصف العام، وهو ما يعكس الحرص المصري الكامل على الانخراط في كل ما يخص الشأن اللبناني حرصاً منا على لبنان وعلى استقراره»، موضحاً «ليست لدينا أي أجندة خفية، ولكن أجندتنا واضحة ومعلنة وهي الحفاظ على الأمن والاستقرار في هذا البلد الكريم والشقيق».
وأضاف «تحدثنا عن مبادرة الرئيس عون الأخيرة، وأثلج صدرنا أن الرئيس بري أعلن دعمه الكامل علانية لخطة الرئيس عون التي أعلنها بمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال، واستمعت من دولة الرئيس إلى شرح مفصل عن الجهد الكبير الذي يقوم به الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني وأيضاً التزام الدولة اللبنانية والمجلس النيابي باتفاق وقف اطلاق النار والالتزام الكامل بالخطة الشاملة المطروحة للعمل على الانتهاء أولاً من منطقة جنوب الليطاني لفرض سلطة الدولة وفرض رؤية الدولة بطبيعة الحال وأن يكون هناك حصر للسلاح تحت المظلة الشرعية للدولة والجيش اللبناني، وأيضاً التزام الدولة اللبنانية بالمراحل التالية للمضي قدماً في تنفيذ هذه الخطة بعد الانتهاء من منطقة جنوب الليطاني، والتحول إلى الشمال الليطاني وإلى كافة المناطق في ربوع لبنان الشقيق».
وعن احتمال لقائه مع «حزب الله» لتبيان موقفه من المبادرة المصرية، أجاب «مصر لديها اتصالات بكافة الأطراف الإقليمية دون استثناء، ومصر توظف هذه الاتصالات لمصلحة لبنان ومصلحة الاستقرار فيه. وكما ذكرت قبل ذلك أننا في مصر نحترم خصوصية المجتمع اللبناني بكل مكوناته وطوائفه وبالتالي لا يمكن على الاطلاق ان نستثني أو نستبعد أي فيصل أو طائفة. كل الطوائف اللبنانية جزء لا يتجزء من التنوع داخل المجتمع اللبناني وهذا التنوع هو سر ثراء هذه الدولة العظيمة على مدار التاريخ. وبالتالي مرة أخرى نحن نوظف كل اتصالاتنا سواء بالأطياف اللبنانية أو مع الأطراف الاقليمية والدولية بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية لخدمة هدف واحد هو الحفاظ على سيادة الدولة اللبنانية وخفض التصعيد وتجنيب لبنان اي مخاطر محتملة للتصعيد».
وإذا كان نقل تحذيراً للبنان عن احتمال شن إسرائيل لعدوان قريب؟ قال «مرة أخرى نحن هنا في إطار الزيارات الدورية التي أقوم بها بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي حرصاً منا على لبنان وعلى سيادته واستقراره. والعمل الاساسي ليس التحذير ولكن التواصل مع الاشقاء في لبنان وننقل رؤيتنا وما يصل إلى مسامعنا ونعمل بطبيعة الحال على سد أي ذرائع أو تصعيد محتمل الهدف الأساسي هو مصلحة لبنان والشعب اللبناني».
ثم انتقل وزير الخارجية المصري إلى السراي الكبير للقاء رئيس الحكومة نواف سلام حيث تمت متابعة للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين واستعراض للتطورات في لبنان والمنطقة.
وأشار الرئيس سلام إلى «أن الجيش اللبناني يقوم بواجبه في تطبيق قرار حصر السلاح بيد الدولة وتنفيذ قرارات الحكومة، إلا أن إسرائيل تستمر في خرق الاتفاق من خلال الاعتداءات اليومية واحتلال عدد من النقاط في الجنوب»، مثمناً «كل الجهود التي تبذلها مصر لخفض التصعيد».
بحضور عون… الرئيس القبرصي يوقع ووزير الأشغال اللبناني اتفاقية ترسيم الحدود البحرية
وأكد الوزير عبد العاطي، خلال لقائه سلام، مواصلة مصر بذل كل جهد ممكن لحماية لبنان. وتم خلال اللقاء متابعة الاتفاقيات التي جرى توقيعها بين الجانبين في اجتماع اللجنة العليا اللبنانية-المصرية، وسبل الإسراع في تفعيلها، كما جرى استعراض التطورات في لبنان والمنطقة والوضع في غزة»، حسب بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء اللبناني.
وأكد وزير الخارجية المصري «مواصلة بلاده بذل كل جهد ممكن لحماية لبنان»، مشدداً «على أهمية دعم الجيش اللبناني وتعزيز قدراته للقيام بالمهام الموكلة إليه». وجدد تأييد القاهرة «لقرار الحكومة اللبنانية بحصر السلاح بيد الدولة».
مستشار خامنئي
في غضون ذلك، برز موقف لمستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أكد فيه «أن وجود «حزب الله» بات بالنسبة للبنان أهم من الخبز اليومي»، ورأى «أن «حزب الله» كان منقذاً للشعب اللبناني وإيران ستواصل دعمه، واعتداءات إسرائيل تظهر النتائج الكارثية لنزع سلاحه بالنسبة للبنان».
وتزامن موقف مستشار خامنئي مع رسالة وجهها أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم إلى «أبناء التعبئة المجاهدين»، جاء فيها: «كل حياة التعبوي مقاومة، وأينما تحرك وسعى فهو مقاومة.
كل ساحات جهادكم مقاومة في المدرسة والجامعة والمهنة والإدارة والحقل والميدان. مهما اشتدت الأزمات ستنفرج، وستنتهي جولة باطل العدوان الإسرائيلي الأمريكي، قال رسول الله: «إن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسراً».
وأضاف «إعلموا أن النصر نصران: نصر في القلب، ونصر على الأعداء، فمن انتصر في قلبه وإيمانه، انتصر حتماً على عدوه ولو بعد حين. ثابروا لتنالوا شرف العزة، «ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين». إن «حزب الله» ومقاومته الإسلامية وتعبئته حملة راية الإمام المهدي نحو العدل وربح الدارين».
في المقابل، أعلن وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس أنه «لا يعتقد أن «حزب الله» سيتخلى عن سلاحه طوعاً»، مشيرًا إلى «أن الأمريكيين ألزموا «حزب الله» التخلي عن سلاحه حتى نهاية العام ولا أرى أن هذا سيحدث»، معتبراً أنه «إن لم يسلم «حزب الله» سلاحه فلا مفر من العمل مجدداً بقوة في لبنان». وقال «لبنان لن ينعم بالهدوء دون ضمان أمن إسرائيل»، ملوّحاً «بإعادة النظر باتفاق الحدود البحرية مع لبنان لأن فيه نقاط ضعف وقضايا إشكالية»، حسب زعمه.
أما رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع فرد على مستشار خامنئي عبر منصة «أكس» قائلاً: «سيد خامنئي ومستشاره العزيز، لو أنكما تهتمان بشؤون الايرانيين وشجونهم لكان ذلك أفضل لنا جميعاً. فلبنان دولة مستقلة لها دستورها، وتحكمها سلطة لبنانية منتخبة شعبياً وديموقراطياً، ولا يحق لكم التدخل في شؤونها»، وأضاف «يا ليت الشعب الإيراني ينعم بما به الشعب اللبناني عندما لا تتدخلون في شؤونه».
ترسيم الحدود البحرية
وتم في قصر بعبدا الاحتفال بإنجاز ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بين لبنان وقبرص، بما سيسمح للبلدين ببدء استكشاف ثرواتهما البحرية، كما بالتعاون المشترك في هذا المجال.
وتم التوقيع على الاتفاقية في خلال زيارة الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس إلى لبنان ولقائه الرئيس اللبناني جوزف عون. وبعد انتهاء المحادثات الموسعة، تم التوقيع، فوقّع الرئيس خريستودوليدس عن الجانب القبرصي، ووزير الأشغال اللبناني فايز رسامني عن الجانب اللبناني.
وفي كلمة له في المناسبة أكد الرئيس عون «عمق العلاقة بين البلدين والدور الكبير الذي قام به الرئيس القبرصي الصديق»، ولفت إلى انه «يمكن الآن العمل جدياً على تطوير اتفاقيات ثنائية، لتسهيل وتطوير عمل الشركات المستكشفة بين البلدين في مختلف المجالات»، موجهاً «دعوة واضحة صريحة، لاستكمال هذا التفاهم البحري مع كل من يريد التعاون معنا والخير لشعوبنا، وهو ما نؤمن أنه السبيل الوحيد للتخلي عن لغة العنف والحرب والدمار وسياسات الهيمنة والأطماع، التي كلفت منطقتنا وناسها، أثماناً هائلة».
وأضاف عون «نحن نتطلع إلى انطلاق رئاستكم للاتحاد الأوروبي بعد أسابيع قليلة، مطلع العام المقبل، لنكثف ونسرّع آليات تفاعلنا مع أوروبا وتعاوننا معها. وهنا تعرفون بلا شك، أن على أجندتنا الأوروبية محطات مهمة جداً، أبرزها مشروع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين لبنان والاتحاد الأوروبي والتي نرجو صدقاً، أن نوقّعها في ظل رئاستكم للاتحاد، فضلاً عن المشاريع ذات المصلحة المشتركة، مثل الجهود المبذولة لمكافحة الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط».
اتفاقية تاريخية
ووصف الرئيس القبرصي الاتفاقية بأنها «تاريخية»، معتبراً أنها «إنجاز استراتيجي يكرّس، بأوضح طريقة ممكنة، مستوى علاقاتنا». واعتبر «ان الاتفاقية تعزز بشكل كبير آفاق التعاون في قطاعات حاسمة، مثل الطاقة والبنية التحتية، وتوفر اليقين القانوني والاقتصادي اللازمين، وبالطبع الأمن، للمستثمرين المحتملين، وفي الوقت نفسه تعزز آفاق التعاون في مجال الطاقة في شرق المتوسط، ومع إمكانية أن تعمل منطقتنا كممر بديل للطاقة نحو أوروبا، كما تشكل أساساً استراتيجياً للاستقرار والأمن الإقليميين في منطقتنا الخاصة والمعقدة للغاية».
ورحّب الرئيس القبرصي «بالحوار الذي بدأناه بالفعل بشأن الربط الكهربائي بين قبرص ولبنان»، قائلاً «سنتوجه معاً في الفترة المقبلة مباشرة إلى البنك الدولي لإعداد دراسة جدوى ذات صلة». واكد دعم بلاده بشكل كامل، «استقلال لبنان وسيادته وسلامته الإقليمية، وتطلعها إلى التطبيق الكامل، من قبل جميع الأطراف، لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بشأن قوة اليونيفيل»، مشدداً على «أن لبنان المستقر والقوي هو أساس لشرق أوسط وشرق المتوسط ينعمان بالسلام والأمن، وقبرص تدعم تحقيق هذا الهدف من خلال إجراءات محددة».
وقد سجّل عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب جورج عقيص اعتراضه على توقيع وزير الأشغال الاتفاقية، وكتب عبر موقع «إكس»: «لا يجوز لوزير في الحكومة أن يبرم معاهدة ترسيم حدود بحرية مع قبرص لعدم صلاحيته. الخطأ نفسه يتكرر مرة أخرى، ومبدأ فصل السلطات، وهو ركيزة النظام الديمقراطي، يتعرض للطعن المتكرر من قبل المسؤولين»، مضيفاً «حسب المادة 52 من الدستور أي اتفاق او بروتوكول تبرمه الدولة اللبنانية مع دولة أخرى وينطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة، لا يكون نافذاً الا بعد موافقة مجلس النواب»….
السفير الأمريكي في بعبدا
وكان الرئيس عون التقى سفير الولايات المتحدة الأمريكية ميشال عيسى وأجرى معه جولة افق، تناولت الأوضاع في لبنان والمنطقة متمنياً له «التوفيق في مهامه»، ومعلقاً أهمية «على دوره في تعزيز العلاقات بين البلدين نظراً لمعرفته بالأوضاع في لبنان وقدرته على المساهمة في إيجاد السبل الآيلة إلى مساعدة لبنان في الظروف الراهنة».
وحمّل الرئيس عون السفير الأمريكي شكره للتهنئة التي وجهها إليه الرئيس دونالد ترامب لمناسبة ذكرى الاستقلال، ولما صدر عنه في مؤتمره الصحافي الأخير عن رغبته في توجيه دعوة للرئيس اللبناني لزيارة الولايات المتحدة، معبّراً «عن امتنانه للدعوة وجهوزيته لتلبيتها».
كما استقبل رئيس الجمهورية المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة «الاونروا» فيليب لازاريني، يرافقه المدير العام لـ«الاونروا» في لبنان دوروثي كلاوس والمساعدة الخاصة للمفوض العام ساشيني جيا ورديني. وخلال اللقاء عرض لازاريني لظروف عمل «الأونروا»، في ظل الضغوط المالية التي تتعرض لها، ولأوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، مؤكداً «العمل على المحافظة على تقديم الخدمات الأساسية للفلسطينيين نظراً لمحورية دور الوكالة بالنسبة إلى هذه الخدمات».
واعرب الرئيس عون عن «تقديره للمهام التي تقوم بها «الأونروا»، على رغم خفض موازنتهاً، مشدداً على «أهمية استمرارها في أداء عملها»، وأشار إلى «التعاون القائم بين السلطة اللبنانية والسلطة الفلسطينية في مسألة تسليم سلاح المخيمات».