من أجل الجميع يجب أن تنتهي الحرب في غزة.. وعلى ترامب أن يظهر قوة بالضغط على نتنياهو


لندن – “القدس العربي”:

دعت صحيفة “نيويورك تايمز” لوقف الحرب في غزة التي ستدخل عامها الثالث الأسبوع المقبل.

وقالت: “يجب أن تنتهي الحرب في غزة، التي تقترب الآن من ذكراها الثانية. يجب أن تنتهي من أجل شعب غزة، الذي قتل منه أكثر من 60,000، أي ما يقرب من 3% من السكان. ومن بين الضحايا عائلات بأكملها وآلاف الأطفال، فيما تحولت الأحياء إلى أنقاض ونزح معظم سكان غزة من منازلهم والجوع والمرض يخيمان على القطاع”.

 وأضافت أن الحرب يجب أن تنتهي من أجل ما يقرب من 50 أسيرا إسرائيليا، ظلوا محتجزين لأكثر من 700 يوم، منذ هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. ويجب أن تنتهي الحرب من أجل إسرائيل وأمنها. لقد ساهمت الأهوال التي سببتها في غزة في تراجع حاد في دعم إسرائيل في الولايات المتحدة وأماكن أخرى. وأي مكاسب عسكرية إضافية ضد حماس تتضاءل مقارنةً بالتهديدات الاستراتيجية طويلة الأمد الناجمة عن العزلة العالمية.

ولكن، كيف للحرب أن تنتهي؟

 حل صحيفة “نيويورك تايمز” هو أن يقوم قادة حماس بإطلاق سراح الأسرى والاعتراف بالهزيمة. ويمكن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التوقف عن تلبية رغبات أعضاء اليمين المتطرف في حكومته، وأن يدرك بدلا من ذلك تكاليف استمرار الحرب على مصالح إسرائيل، وكذلك على جنودها المنهكين وجنود الاحتياط وعائلاتهم.

وفي غياب مثل هذه الرؤى، ستقع المهمة على عاتق بقية العالم، وبخاصة الولايات المتحدة، الحليف الأهم لإسرائيل والدول العربية التي تعرب عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني.

تقع مهمة إنهاء الحرب على عاتق دول العالم، وبخاصة الولايات المتحدة، الحليف الأهم لإسرائيل والدول العربية التي تعرب عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني

وأشارت إلى أن خطة السلام التي كشف عنها الرئيس ترامب يوم الاثنين واعدة. فهي تتضمن تبجحات معروفة مثل “مجلس السلام”، الذي سيرأسه ترامب. ومع ذلك، فهي تتضمن أيضا دعائم صفقة وقف إطلاق نار عادلة، بما في ذلك وقف الهجمات العسكرية وإعادة جميع الأسرى وتحرير غزة من الاحتلال الإسرائيلي وحكم حماس.

ومن الجدير بالذكر أن حكومات مصر والأردن وقطر والمملكة العربية السعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة أشادت بالخطة.

وتعترف الصحيفة بالعقبات الكثيرة أمام السلام، كما هو الحال في الشرق الأوسط. كما ويجب على ترامب إظهار التزام أكبر مما يفعل في كثير من الأحيان. ستحتاج حماس إلى قبول الخطة أو ما شابهها. كما ويحتاج نتنياهو إلى مواجهة المتطرفين في حكومته الذين انتقد بعضهم الخطة. ومع ذلك، كل هذا ممكن، إذا طالبت إدارة ترامب والحكومات العربية الرائدة بذلك. وتقول إن كلا الطرفين لديه نفوذ أكبر مما استخدمه حتى الآن، وكلاهما لديه أسباب وجيهة للإصرار على وقف الحرب.

وتقول “نيويورك تايمز” إن استمرار الحرب يعتبر علامة ضعف لترامب، فقد ادعى أنه يستطيع إنهاءها بسرعة، وفشل. وعلى الرغم من قيادته لدولة أكبر وأقوى بكثير، يبدو أن ترامب غالبا ما يذعن لنتنياهو.

وبات النمط مألوفا الآن: نتنياهو يكيل الثناء المتبجح على ترامب، ثم يفعل الأخير ما يريده نتنياهو.

وقال دانيال سي. كورتزر، السفير الأمريكي لدى إسرائيل لمدة أربع سنوات في عهد الرئيس جورج دبليو بوش: “ترامب في وضع أفضل من أي شخص آخر لإنهاء الحرب”، “لكنه بحاجة إلى فعل أكثر من مجرد الإدلاء بتصريحات علنية”. قبل كل شيء، يحتاج إلى إجبار نتنياهو على قبول أن إسرائيل يجب أن تغادر غزة قريبا وأن الفلسطينيين يجب أن يديروها في النهاية.

قبل وقت طويل من بدء هذه الحرب، كان نتنياهو معاديا للحكم الذاتي الفلسطيني. وخطة البيت الأبيض الجديدة تشير إلى ذلك بعبارات غامضة فقط. في النهاية، قد يحتاج ترامب إلى تهديد نتنياهو وتذكيره بالعواقب. في البداية، بهدوء، يمكن للرئيس أن يشرح أن الولايات المتحدة تفقد صبرها وستقيد قريبا المساعدات العسكرية الأمريكية ما لم تتوقف الحرب ويقبل نتنياهو بمستقبل للحكم الفلسطيني.

وبإصراره على ذلك، يمكن لترامب أن يوضح أنه صديق لإسرائيل، يحاول إنقاذها من أخطاء تدمر نفسها. يمكنه تذكير قادة إسرائيل بالانتصارات العسكرية التي حققوها أو مكنتهم من تحقيقها منذ عام 2023: إضعاف حماس وحزب الله، وإيران، وانهيار النظام السوري ذي السجل المروع في قمع شعبه.

لا تزال حماس تمتلك مقاتلين وأسلحة نشطة في غزة، وقد يقلل غزو إسرائيل المستمر لمدينة غزة من هذه الأعداد. لكن القضاء على الجماعة يبدو ضربا من الخيال

نعم، لا تزال حماس تمتلك مقاتلين وأسلحة نشطة في غزة، وقد يقلل غزو إسرائيل المستمر لمدينة غزة من هذه الأعداد. لكن القضاء على الجماعة يبدو ضربا من الخيال. حتى إن بعض المسؤولين العسكريين والأمنيين الإسرائيليين عارضوا غزو مدينة غزة لأنهم اعتبروا التكاليف أكبر من الفوائد.

وتعقب الصحيفة قائلة إن العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد حماس منذ عام 2023، تعني أن الحركة لم تعد قادرة على شن عملية كبرى. وبعد انتهاء الحرب، ستتمكن إسرائيل من مراقبة حماس وضربها إذا لزم الأمر.

والسؤال الأصعب بعد الحرب هو من سيحكم غزة؟

وتجيب أن دعوات الضم الإسرائيلية الصادرة عن أعضاء اليمين المتطرف في ائتلاف نتنياهو فاحشة، فهم يفضلون طرد ما يقرب من مليوني فلسطيني وهو ما يطابق أي تعريف معقول للتطهير العرقي. كما لا ينبغي أن يكون لحماس أي دور في الحكم بالنظر إلى سجلها. وتبدو السلطة الفلسطينية، التي حكمت غزة سابقا، فاسدة وغير شعبية لدرجة أنها لا تستطيع القيام بهذه المهمة دون إصلاحات كبيرة. وفي النهاية تتحمل حماس وحكومة نتنياهو معظم اللوم على استمرار الحرب، لكن عدم اليقين بشأن ما سيأتي بعد ذلك هو قضية شائكة مشروعة وتعقد أي خطة سلام.

وقالت الصحيفة إن الحكومات العربية يمكن أن تساعد في ملء هذا الفراغ. ولسنوات، ادعى قادتها تضامنهم مع القضية الفلسطينية، بينما لم يفعلوا سوى القليل للنهوض بها.

لقد أعطوا الأولوية للاستقرار على المدى القصير على إصلاحات الحكم اللازمة لبناء دولة قابلة للحياة. وفشلوا في تنشئة سياسيين معتدلين قادرين على اكتساب الشرعية بين الفلسطينيين وتمثيل مصالحهم على الساحة الدولية. وفي الأشهر الأخيرة، أظهرت الحكومات العربية بوادر على لعب دور بناء أكثر. هذا الصيف، وقعت جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، وعددها 22 دولة على إدانة هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر لأول مرة. دعا البيان إلى إطلاق سراح جميع الأسرى ونزع سلاح حماس ومنعها من المشاركة في حكم غزة مستقبلا. وقال الموقعون إنه ينبغي أن تحل محلها “بعثة استقرار دولية مؤقتة” بدعوة من السلطة الفلسطينية إلى غزة. كما انضمت دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 و17 دولة أخرى إلى الإعلان.

الخطة التي أعلن عنها ترامب هذا الأسبوع مشابهة من نواحٍ عديدة. ولكي تنجح أي خطة، ستحتاج الدول العربية إلى أن تكون في جوهر قوات الأمن والإدارة المدنية، وإذا هيمنت أوروبا والولايات المتحدة على المهمة، فسيكون ذلك بمثابة سيطرة غربية على غزة. وإذا تولت السلطة الفلسطينية وحدها زمام الأمور، فسيكون خطر الفشل كبيرا.

وينبغي أن يكون للسلطة متعددة الجنسيات أجندة طموحة، تشمل إعادة الخدمات الأساسية وتوفير الغذاء للسكان وإعادة إعمار الأحياء وإنشاء قوة شرطة. والأهم من ذلك، كما جادل خبراء في مركز ويلسون بواشنطن، أن تنشئ هذه السلطة برنامجا في المدارس ووسائل الإعلام وغيرها للتخلص من تأثير حماس الواسع في غزة. ومن المهام الأخرى نزع سلاح أي مقاتل من حماس يواصل القتال. ويمكن لقطر، نظرا لعلاقتها الطويلة مع حماس، أن تساعد في الضغط على الحركة، تماما كما تستطيع الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل.

وأشارت الصحيفة إلى سوابق تاريخية كما في ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية وتجربة قوات الشرطة متعددة الجنسيات في كوسوفو وهاييتي، وبالطبع، تصاحب هذه الجهود مخاطر. فالدول المشاركة قد تخاطر باستهداف عناصرها من قبل حماس. لكن لا توجد حلول خالية من المخاطر في غزة. وإذا نجحت هذه الجهود، فقد تمثل أهم تقدم يتم تحقيقه منذ عقود نحو إقامة الدولة الفلسطينية، وهو ما دعمته الدول العربية منذ زمن طويل.

ويكمن الخطر الأكبر في أعقاب اقتراح ترامب في أن تزعم كل من إسرائيل وحماس رغبتهما في السلام، بينما تفشلان في اتخاذ خطوات صعبة لتحقيقه. قد يبطئ نتنياهو انسحاب إسرائيل من غزة، وقد تحاول حماس الاحتفاظ بدور خلف الكواليس في إدارة غزة، مع إلقاء كل طرف اللوم على الآخر طوال الوقت. في هذا السيناريو، سيحتاج القادة العرب والأمريكيون إلى إظهار شجاعة أكبر مما أظهروه حتى الآن. سيحتاج القادة العرب إلى إبلاغ حماس بأنها انتهت كقوة سياسية في غزة، ثم دعم هذا الإعلان بقوة.

وسيحتاج ترامب إلى إجبار نتنياهو على الاختيار بين تحالفه المحلي مع المتطرفين الإسرائيليين وتحالف إسرائيل الدولي مع الولايات المتحدة. وبغض النظر عن ذلك، ستظل هناك العديد من المشاكل المستعصية الأخرى، بما في ذلك كيفية وقف الأزمة المتفاقمة في الضفة الغربية، وما إذا كان القادة الفلسطينيون المستقبليون سيقبلون حق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية، وما إذا كان قادة إسرائيل الحاليون سيقبلون حق الفلسطينيين في إقامة دولة.

لكن لا ينبغي أن ينتظر شعب غزة هذه الإجابات ليتوقف عن دفن أقاربه وجيرانه، وليحصل على ما يكفي من الطعام ويبدأ في إعادة بناء حياته. كما لا ينبغي أن ينتظر الأسرى الإسرائيليون العودة إلى عائلاتهم اليائسة، فمن أجل الجميع، يجب أن تنتهي هذه الحرب.



Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *