ملفا «رسالات» و«صخرة الروشة» يفتحان جبهة جديدة بين سلام و«حزب الله»


بيروت ـ «القدس العربي»: لم تنجح الاتصالات التي سبقت جلسة مجلس الوزراء في إيجاد مخرج للبند المتعلق بطلب وزير الداخلية حل جمعية «رسالات» التابعة لحزب الله التي خالفت شروط الترخيص لدى إحيائها الذكرى السنوية الاولى لاغتيال السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين وإضاءة صورتهما على صخرة الروشة، وذلك في ظل إصرار رئيس الحكومة نواف سلام على طرح هذا البند وعدم التراجع امام تصعيد نواب «حزب الله»، علماً أن رئيس الجمهورية العماد جوزف عون عمل من اجل تفادي أي اشكال في الجلسة والوصول إلى تسوية وتفادي الذهاب إلى تصويت تجنباً لزيادة التوتر.
وشهدت الجلسة نقاشاً في حادثة صخرة الروشة قبل أن يتم تأجيل البحث إلى آخر الجلسة، وسط كلام للبعض أن رئيس الحكومة إذا لم يتجاوب مع طرح رئيس الجمهورية وأصرّ على إصدار قرار بسحب الترخيص من «رسالات»، يمكن قد يؤدي ذلك إلى انقسام داخل الحكومة وإلى رفع منسوب الاحتقان في بيئة «الحزب» ما قد ينعكس حراكاً في الشارع ضد الحكومة.

تحدي رئيس الحكومة

وكان عدد من نواب «حزب الله» حذّروا رئيس الحكومة من اتخاذ أي قرار بحل الجمعية، واستعاد النائب حسن فضل الله ما قيل عن «إعلان بعبدا» بقوله: «في حال اتخاذ القرار بلّوه واشربو ميتو».
وتزامناً مع انعقاد مجلس الوزراء، تم تنظيم وقفة تضامنية بدعوة من جمعية «رسالات» في الغبيري شارك فيها نواب من كتلة «الوفاء للمقاومة» واعلاميون وفنانون تم في خلالها التأكيد أن الجمعية ستكمل، ومما جاء في الدعوة التي حملت نوعاً من التحدي: «رفضًا لمنطق تقويض الحريات، والتعسف وازدواجية استخدام القوانين والكيل بمكيالين، رسالات مستمرة ونشاطها سيزداد فعالية في قادم الأيام، فمَن يستمد قوته من الدماء والتضحيات ومن قادة عظام رسموا خارطة هذا الوطن، لا يمكن أن يتراجع».
وقد تقدّم بند الإجراءات القانونية وحل جمعية «رسالات» على بند تقرير الجيش اللبناني حول حصرية السلاح، وهو تقرير عرضه قائد الجيش العماد رودولف هيكل حول ما أنجزه الجيش جنوب نهر الليطاني ويتم ترقّبه دولياً وعربياً للوقوف على مدى جدية الدولة اللبنانية في تنفيذ خطة حصرية السلاح.

قائد الجيش عرض تقريره الأول حول خطة حصرية السلاح جنوب الليطاني

وفي موقف جديد سبق اجتماع الحكومة، رأى النائب حسن فضل الله أنه «لا يمكن للأغلبية في الحكومة الحالية أن تتفرد بمعزل عن تفاهمها مع بقية المكونات، لأن هناك قوى مشاركة في الحكومة رأيها ملزم انطلاقًا من كونها تمثل فئة كبيرة من الشعب اللبناني، ويندرج تمثيلها تحت عنوان الميثاقية المنصوص عليها حتى في الدستور، بالحديث عن التفاهم داخل الحكومة وأيضًا في وثيقة الوفاق الوطني».

فضل الله: تحريض على الجيش

وأشار فضل الله إلى «أن الحكومة تريد أن تناقش خطة للجيش تحت عنوان حصرية السلاح، وحاول بعض هذه السلطة بالأمس القريب أن يزجّ هذا الجيش بمواجهة مع الناس، وعندما تصرّف الجيش انطلاقًا من مسؤوليته الوطنية والقانونية غضب بعض السلطة وعمد إلى التحريض عليه، ونشر صورًا للقادة الأمنيين وللوزراء المعنيين وتحميلهم المسؤولية، في حين أنه لو قام فريق آخر بما قامت به هذه الجهات، لسمعنا صراخًا وعويلاواتهامات، ولكن أن يقوموا هم بالتحريض على الجيش فهذا كأنه أمر عادي».
وخلال مشاركته في احتفال تكريمي لشهداء بلدة كونين الجنوبية، قال: «نسمع كثيرًا بعض المسؤولين يتحدثون عن اتفاق الطائف والقانون وهيبة الدولة، ولكن الطائف فيه نص واضح في ما يتعلق بالجيش، يدعو إلى توحيد وإعداد القوات المسلحة لتكون قادرة على التصدي للعدوان الإسرائيلي، وهذا هو اتفاق الطائف، وهذا ملزم لكل الحكومات، وهذا النص عمره 35 عاماً، ولكن إلى الآن لم يتم تسليح الجيش لأنهم لا يريدون أن يطبقوا هذا البند، وأن يصبح الجيش قادرًا على التصدي للعدوان الإسرائيلي، وقد جاء المندوب الأمريكي ليقول إن مهمة الجيش وتسليحه وتقويته لمواجهة فئة من اللبنانيين».
أضاف: «الذين يتحدثون عن الطائف ويدّعون أنهم يتمسكون به، هم من ينقلبون عليه وعلى الدستور، ولا يقبلون بتسليح هذا الجيش، فبدل مناقشة حصرية السلاح كان على الحكومة أن تضع بندًا أولاوثانيًا وثالثًا هو كيفية التصدي للاعتداءات الإسرائيلية، وحماية أرواح الناس وتسليح الجيش لمواجهة العدوان الإسرائيلي، لأن المقاومة غير معنية ببند حصرية السلاح، فمبدأ حصرية السلاح وحل الميليشيات تحقق منذ 35 سنة، والمقاومة بقيت مقاومة لأنها موضوعة تحت بند تحرير الأرض من الاحتلال كما نص الطائف، وكما أقرت الحكومات منذ عام تسعين إلى اليوم».

«لسنا معنيين بحصرية السلاح»

واعتبر فضل الله «أننا لسنا معنيين بمناقشة حصرية السلاح، وإذا كان هناك من ميليشيات فليذهبوا ويحصروا سلاحها، أما المقاومة فهي مقاومة وهي خارج كل هذه التصنيفات التي يُراد لها أن تسود في هذه المرحلة، وستبقى مقاومة ولن يستطيع أحد المسّ بها وبخيارها وبنهجها وبسلاحها، لأنه سلاح مشرّع في اتفاق الطائف ومشرّع على مدى 35 سنة من البيانات الوزارية التي صادقت عليها الحكومات على امتداد هذه الفترة الزمنية، ولا يمكن لأي شخص أو مسؤول أتى لمرحلة معينة أن يغيّر من هذه الصيغة الميثاقية المرتبطة بتركيبة لبنان وبصيغة لبنان، ولا أحد يستطيع أن يغيّر في هذه الصيغة، وكل الذين اصطدموا بهذه التركيبة المتنوعة في لبنان وبهذه الصيغة هم خسروا وبقي لبنان، هم ذهبوا وانتهت سلطتهم وبقي الشعب وبقي لبنان وبقيت المقاومة».

فاقد لبصره بـ«البيجر» مع زوجته شهيدين بغارة إسرائيلية قرب النبطية

وختم: «في هذه المرحلة حيث يعتدي العدو ويقتل ويحتل الأرض ويستبيح ويمنع الناس من العودة إلى القرى الأمامية، فإن الدولة – بمعزل عن توصيفنا لها إن كانت عاجزة أو فاشلة أو خائبة أو ضعيفة – هي المسؤولة، لأنها هي التي وافقت على اتفاق وقف النار، وهي التي قالت إنها تريد أن تتحمل المسؤولية، وأنها صاحبة القرار، ونحن وافقنا معها لتقوم بواجباتها تجاه شعبها، ولذلك التزمنا بوقف إطلاق النار وقلنا هذا الأمر متروك للمسؤولين، وهذا عنصر قوة للمقاومة وليس عنصر ضعف أن تلتزم بسقف حددته الدولة، تصوروا لو الآن المقاومة قامت بالرد، ستجدون ضجيجًا كبيرًا في لبنان تحت عنوان أننا نحل محل الدولة».

رسالة قبلان

ووجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، رسالة إلى الرئيس نواف سلام، جاء فيها: «دولة الرئيس البلد أمانة تاريخ مضرج بالأشلاء والجهود التأسيسية والسيادية ولا يحتاج أزمات جديدة، والانتقام يتعارض مع الأبوة الوطنية، واللحظة للتلاقي لا الانقسام، وكرامة الوطن مسيجة بدماء وجهود آباء السيادة الوطنية منذ التأسيس الوطني وانتهاء بقرابين الحرب الأخيرة التي حوّلت لبنان إلى صخرة صمود أسطوري، والسيد حسن نصر الله والرئيس رفيق الحريري صخرة سيادة وفخر وطني للمنطقة كلها». وقال «لبنان وصخرة الروشة تكبر بالسيد حسن والرئيس رفيق الحريري، والسيد حسن شهيد القدس ولبنان وسيادة المنطقة وأكبر قرابين القيمة القانونية الدولية والعربية على الإطلاق، والقانون ضمير ووفاء، ولا ضمير ووفاء أكبر من شهادة السيد حسن والرئيس رفيق الحريري، وقوة الرئيس من وحدة شعبه وملاقاتهم بالعطاء، والرئيس الضامن يحمل صخرة التضامن لا صخرة الانقسام، والمطلوب أن تكون بحجم صخرة الوحدة الوطنية التي تشكل مصدر سلطات لبنان».

عقيص: تيئيس لسلام

في المقابل، أشار عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب جورج عقيص إلى «أن هناك هجوماً كبيراً على الرئيس سلام لأنه صلب وعنيد ويرفض التراجع عن قرار حصر السلاح»، معتبراً «أن خطتهم تهدف إما الى تدجينه وتطويعه عبر الضغط عليه ليصبح جزءاً من التركيبة، وإما تيئيسه لدفعه إلى الاستقالة، ونحن ندعوه لكي يبقى ثابتاً في موقفه لأن كل المخلصين والشرفاء في لبنان وراءه». وسأل عقيص: «بعد موافقة حركة حماس على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ماذا سيفعل اليوم حزب الله الذي رفع شعار إسناد غزة ونصرة الشعب الفلسطيني؟ هل سيغرّد وحده خارج السرب؟». وقال «فليتواضع الحزب وليقرأ المتغيرات الجذرية التي حصلت في المنطقة بشكل صحيح وليستمع إلى صراخ ووجع الشعب اللبناني، وخصوصاً بيئته، التي لم تعد تريد المزيد من الحروب والأزمات، وتحلم بالازدهار والسلام والاستقرار الدائم».
أما «لقاء سيدة الجبل» فأعلن أنه «في ظل التطورات الأخيرة بعد قبول «حماس» عرض الاستسلام وكذلك قبول القيِّمين على القضية الفلسطينية، بوصفهم أصحاب الحق، بمشروع الرئيس الأمريكي للسلام في غزة، نتمنى على مجلس الوزراء اللبناني، وعلى فخامة رئيس الجمهورية جوزف عون الذي يترأس جلساته حين يحضر، المسارعة إلى تفكيك «حزب الله» وإعلان خروج لبنان من النزاع العسكري مع إسرائيل، استنادًا إلى قرار حصرية السلاح الذي يجب أن يطبق بدون مهل زمنية ولا أعذار بعدما أصبحت كلها واهية، مع الاستمرار في التزام واجبات لبنان العربية والإنسانية لمساندة الحق الفلسطيني، بكل أوجه النضال السياسية والدبلوماسية والإعلامية والفكرية والثقافية». وحض «اللقاء» الحكومة على «اعتماد السبل الديبلوماسية والعلاقات والصداقات والاتفاقات الدولية لحل النزاعات العالقة، وأيضًا تطبيق القواعد المتبعة عالميًا لحل النزاعات الحدودية بين الدول المتجاورة، وصولاإلى ترسيم واضح ونهائي للحدود بين لبنان وإسرائيل وسوريا، والعودة إلى الاحترام الدقيق والتطبيق الصارم لاتفاقية الهدنة الموقعة عام 1949».
وختم «أن إعلان لبنان رسميًا خروجه من النزاع العسكري مع تأكيد التزامه تطبيق اتفاقية الهدنة بات أمرًا ملحًا أكثر من يوم مضى».

غارات على زبدين والهرمل

ميدانياً، استهدفت مسيّرة إسرائيلية، سيارة على طريق زبدين في منطقة النبطية وأدت إلى سقوط شهيدين وإصابة مواطن بجروح. وتسببت الغارة باستشهاد حسن عطوي وهو مصاب «بايجر» وفاقد النظر، وكانت زوجته زينب رسلان تقود السيارة، وهما فقدا ولديهما مع بداية «حرب الإسناد». وزعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي «أن جيش الدفاع قضى على حسن علي جميل عطوي الذي كان يشكل عنصراً مركزياً في وحدة الدفاع الجوي لحزب الله»، وقال إنه «أشرف على عمليات إعادة الإعمار وجهود تسلح في وحدة الدفاع وكان مركز خبرة مهم فيها اضافة إلى تورطه في العلاقة والاستيراد من قادة الوحدة في إيران».
بقاعاً، استهدفت سلسلة غارات بعد الظهر، زغرين وجرود حربتا ومرتفعات بين جرود حربتا وشعت وجرود الهرمل. وقالت هيئة البث الإسرائيلية «ان سلاح الجو هاجم معسكرات تدريب لقوة الرضوان التابعة لحزب الله في منطقة البقاع شرق لبنان».
على صعيد آخر، ألقت مسيرة قنبلة حارقة على منطقة هورا بين ديرميماس وكفركلا ما أدى إلى اندلاع حريق. وسجل منذ ساعات الفجر الاولى، تحليق كثيف ومُركز لعدد من الطائرات المسيّرة الإسرائيلية في أجواء بلدات منطقة النبطية وعلى علو منخفض.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2023 شنت إسرائيل عدواناً على لبنان جولته في سبتمبر/ أيلول 2024 إلى حرب شاملة قتلت خلالها أكثر من 4 آلاف شخص وأصابت نحو 17 ألفا آخرين. ورغم التوصل في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، فإن الأخيرة خرقته أكثر من 4 آلاف و500 مرة، ما أسفر عن مئات الشهداء والجرحى. وفي تحد للاتفاق تحتل إسرائيل 5 تلال لبنانية سيطرت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق أخرى تحتلها منذ عقود.



Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *