دمشق – «القدس العربي»: كشفت مصادر سورية مطلعة لـ»القدس العربي» أن قرار استقالة غرفة صناعة حلب قد طوي بشكل نهائي، بعد أن استقبل رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع أعضاء الغرفة بداية الأسبوع، في حين قال رئيس فرع نقابة أطباء حلب محمود كامل مصطفى إنه لم يطرأ أي جديد على ملف إغلاق فرع النقابة في المحافظة، والأمر ربما يحتاج إلى تدخل كما حصل مع غرفة الصناعة.
طي الاستقالة
وقالت مصادر مطلعة لـ»القدس العربي» إن «الرئيس الشرع استقبل بداية الأسبوع أعضاء غرفة صناعة حلب وانتهى الاجتماع بالتراجع عن قرار الاستقالة الجماعية الذي تم طيه»، مؤكدة أنه «لم يعد هناك ما يستوجب التصريح والحديث عنه والموضوع انتهى، وهناك حرص لإنهاء القضية وعدم الخوض في تفاصيلها إعلامياً، وخصوصاً أنه لم يصدر أي شيء رسمي حتى من الوزارات المختصة بالشأن».
وتقدم يوم الأحد الماضي تسعة من أعضاء المكتب التنفيذي في غرفة صناعة حلب باستقالة جماعية احتجاجاً على ما وصفوه بـ«التهميش المتعمد» وعدم الاستجابة لمطالبهم المهنية والإدارية، لكن وزير الاقتصاد والصناعة السوري نضال الشعار، رفض اليوم التالي الاستقالة بكتاب وجهه إلى غرفة صناعة حلب، وذلك «نظراً لمتطلبات الظروف الاقتصادية الحالية، وحفاظاً على سير العملية الصناعية في محافظة حلب».
وقال الشعار: «نعلمكم بأننا لا نرى مسوغاً للاستقالة، وبالتالي نبلغكم بعدم الموافقة وضرورة الدعوة إلى عقد جلسة نقاش حول وضع مجلس إدارة الغرفة في القريب العاجل».
وكان قد وقع على طلب الاستقالة تسعة أعضاء من أصل 18 عضواً من أعضاء المكتب التنفيذي، من بينهم رئيس مجلس الإدارة عماد طه القاسم، ونائباه محمد كعدان وإسماعيل حج محمد، وأمين السر أحمد مهدي الخضر، وخازن الغرفة رامز غجر، والأعضاء محمد زيزان، أنس سرميني، جوزيف طوقتلي، طلال خصيم.
وضمن ملف الصناعة الساخن، شهدت العاصمة دمشق، الأربعاء، وقفة احتجاجية من قبل عدد من الصناعيين أمام مبنى اتحاد غرف الصناعة في دمشق، رافعين مطالب عاجلة تتعلق بإنقاذ الصناعة الوطنية من الانهيار، وتقديم الدعم اللازم لها وإجراء إصلاحات جذرية، وخصوصا فيما يتعلق بالتحديات التي تواجه أصحاب المعامل من ارتفاع أسعار حوامل الطاقة والمواد الأولية وإغراق السوق بالمنتجات الأجنبية ذات الجودة المتدنية عبر عمليات التهريب المنفلتة، مع المطالبة بتقديم تسهيلات ضريبية، ووقف الاستيراد لمدة عام أو عامين لبعض المنتجات المنافسة، ودعم الراغبين بإصلاح منشآتهم المدمرة، ومنح الصناعيين امتيازات خاصة.
وفي تصريحات له نقلتها وكالة الأنباء السورية «سانا» أوضح رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها محمد أيمن المولوي، أن الحكومة «استجابت للعديد من طلبات الصناعيين، وخاصة ما يتعلق برسوم المواد الأولية، التي جرى تخفيضها، وكل ما يتعلق بتخفيض كلف وأسعار حوامل الطاقة من فيول وغاز ومازوت»، مبيناً أن «الغرفة لا تزال تعمل مع وزارة الطاقة لإجراء تخفيض آخر لأسعار هذه الحوامل»، مشيراً إلى أنه «صدر مؤخراً قرار بإلغاء الرسوم الإضافية التي كانت مفروضة على فواتير الكهرباء، وكانت تشكل 22.5 في المئة من قيمة الفاتورة، لينخفض سعر الكيلو واط بعد إلغاء هذه الرسوم إلى 1500 ليرة».
مصادر لـ«القدس العربي»: حرص على إنهاء القضية وعدم الخوض فيها إعلامياً
وبين المولوي أنه جرى وضع حلول بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والصناعة تتعلق باستيراد الألبسة الجاهزة والأقمشة، حيث تم الاتفاق على اتخاذ إجراءات معينة ووضع ضوابط للحد من استيراد هذه الألبسة، متوقعاً أن يصدر القرار بهذا الشأن قريباً، بعد أن تم الاتفاق عليه مع الصناعيين، فيما أعلن وزير المالية السوري محمد يسر برنية أول من أمس، عن «حوار مفيد جداً جرى الأربعاء مع غرف الصناعة والصناعيين في سوريا، حول النظام الضريبي الجديد»، حيث «استمعت الوزارة لملاحظاتهم ومقترحاتهم»، ووعد بأن الحكومة «لن تفاجئ أحدا بأي قانون أو تعميم، إلا بعد التشاور حوله».
أطباء حلب بانتظار التدخل
وبالطريقة التي انتهت بها مشكلة استقالة غرفة صناعة حلب، توقع نقيب أطباء المدينة محمود كامل مصطفى ألا يتم تجاوز مشكلة إغلاق فرع نقابة الأطباء بعد استقالة ثلاثة من أعضائها إلا بتدخل مماثل.
وفي تصريح لـ»القدس العربي» قال : «لا شيء جديد حتى الآن على موضوع إغلاق نقابة أطباء فرع حلب، وما زلنا بانتظار الخطوات التي يمكن أن تقوم بها النقابة المركزية أو الشؤون السياسية التابعة لوزارة الخارجية».
وإن كانت النقابة المركزية تحركت في اتجاه حلب لحل الموضوع كما صرح سابقا، قال مصطفى إن «اللقاء حصل في دمشق واعتذر النقيب مالك العطوي من الأطباء الذين زاروه عن الخطأ الذي ارتكب عبر إغلاق النقابة بالقوة العسكرية، ولكنه للأسف وإلى اليوم لم يحصل أي جديد».
وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي الإثنين الماضي صورة طلب لاستقالة جماعية موجهة إلى عطوي تقدم بها ثلاثة من أعضاء مجلس فرع نقابة الأطباء في حلب، هم أمين السر محمد طاهر زيتون، والخازن محمود الصباح، والعضو في مجلس الفرع حمزة المروح.
وجاء في الطلب المؤرخ منذ الخامس عشر من الشهر الجاري أن الثلاثة يتقدمون بالاستقالة بسبب «تفرد رئيس المجلس محمود المصطفى بجميع القرارات وعدم عرضها علينا، والخلافات الدائمة التي تؤثر على عمل المجلس من حيث القيام بواجبه تجاه الزملاء الأطباء في محافظة حلب». وفي تصريح سابق له لـ»القدس العربي» اعتبر مصطفى الاستقالة بأنها «عملية مدبرة للتخلص مني»، موضحاً أنه «رغم محاولاتي للتوافق مع الزملاء في مجلس الفرع إلا أني لم أوفق دوماً بسبب سياساتهم الفوقية ومحاولة السيطرة على مجلس الفرع، وما فاقم الوضع أن مكتب التعاون النقابي في الشؤون السياسية في حلب لم يقتنع بأن فرع النقابة في حلب يعمل بالتنسيق مع الإدارة المركزية في دمشق وجاؤوا الأحد الماضي بقوة عسكرية أخرجتنا من مكاتبنا عنوة من دون الأخذ بعين الاعتبار لأي خصوصية وقاموا بإغلاق النقابة».
وإن كان يتوقع أن تتدخل القيادة السياسية لتجاوز الإشكال كما حصل مع غرفة صناعة حلب التي قدمت استقالتها واستقبلها الرئيس الشرع وتم طي الموضوع، قال مصطفى لـ»القدس العربي» أمس: «يحاولون لملمة الموضوع للحيلولة دون التدخل الرئاسي، وهناك محاولة للتعويل على الزمن لنسيان القصة، لكن يبدو أن الأمور تسير في اتجاه مثل هذا التدخل، ونحن سنعمل على الموقف إعلامياً، ولا نمتلك إلا هذه الأدوات للأسف»، موضحاً أنه «عاد واتصل بالتعاون النقابي في الشؤون السياسية بدمشق بهدف تكليفه بتسيير الأعمال إلى حين انتهاء الأزمة وعدم حصول أي تقصير في اتجاه الزملاء من أطباء حلب، لكن لم أحصل على أي تجاوب حتى الآن».
وبين مصطفى أن خدمات النقابة لأعضائها من الأطباء متجمدة حالياً مثل تسجيل الاختصاصات أو تقديم براءات الذمة للأطباء الذين سيباشرون العمل في وظيفة مع القطاع العام، إضافة إلى تقارير الولادة والوفاة، وقال إن عدد الأطباء المسجلين لدى فرع النقابة في حلب يناهز 14 ألفاً، لكن الفاعلين منهم يزيد عن 7 آلاف، والبقية هم إما من الأطباء المتوفين أو من هم خارج البلاد، مشيراً إلى أن النقابة ومنذ تكليفها بمهامها في شباط/ فبراير الماضي أعادت قيد نحو 3 آلاف طبيب جمدت عضويتهم أو فصلوا في عهد النظام السابق بحجة أنهم من المعارضة، مع الإشارة إلى أننا سجلنا أطباء بانتسابات جديدة من المقيمين خارج سوريا ممن أنهوا دراساتهم وطبعا بعد أن سجلوا أسماءهم في قوائم وزارة الصحة.