فقدنا السيطرة.. والضفة الغربية على شفا الانفجار


ينيف كوفوفيتش

  جهات رفيعة في جهاز الأمن تحذر من أن إضعاف مكانة المستوى العسكري في الضفة الغربية كسيد على الأرض، بضغط وزراء وأعضاء كنيست في الائتلاف، يؤدي إلى توتر أمني قد يندلع في أي وقت. “لا يوجد اليوم من ينشغل بيهودا والسامرة”، قال مصدر أمني للصحيفة. “الجميع يعرفون أننا على شفا الانفجار، لكن لا يوجد من ينهض ويتحدث. هناك خوف حقيقي لدى القادة على الأرض من طرح مشاكل وتنفيذ القانون، لأنهم سيصبحون على الفور هدفاً للمتطرفين الذين يحصلون على دعم من وزراء وأعضاء كنيست”. وحسب أقوال ضابط كبير كان مشاركاً في استخلاص نتائج مناورة كبيرة جرت في الأسبوع الماضي في فرقة “يهودا والسامرة”، فإن “الضفة هي الساحة الأكثر تفجرا”، رغم أن إسرائيل تركز على غزة ولبنان. “نحن نصمت، لكن حدثاً واحداً قد يشعل “يهودا والسامرة” كلها. الجيش الإسرائيلي كله سيعاني من ذلك في يهودا والسامرة”، قال.

حسب جهات رفيعة في جهاز الأمن، لم يعقد الحكومة وجهاز الأمن منذ أشهر نقاشاً استراتيجياً فيما يتعلق بما يحدث في الضفة. حسب أقوالهم فإنه رغم أنه خلال سنوات كانت هناك أحداث كثيرة هوجم فيها ضباط وقادة كبار في قيادة المنطقة الوسطى على يد يهود في الضفة، إلا أن الوضع الحالي هو الأصعب. هذا بسبب أن من يخرقون القانون والذين يعتدون على الفلسطينيين وعلى قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة يحصلون على دعم متخذي القرارات، الذين يخلقون لهم “مناخاً مناسباً” للقيام بكل ما يخطر ببالهم في الضفة. “في الشهر الماضي، كان هناك ست حالات التي كان يمكن أن تنتهي بسهولة، مثلما حدث في قتل عائلة دوابشة في قرية دوما”، قال أحد القادة الميدانيين.

حسب ادعاء جهات في جهاز الأمن، فإن وزير الدفاع يسرائيل كاتس رفع يديه عن أي تدخل فيما يحدث في الضفة. وحسب أقوال هذه الجهات، فإن سموتريتش، الوزير في وزارة الدفاع ومن أخذ على عاتقه المسؤولية عن الإدارة المدنية، يطبق مع الوزيرة أوريت ستروك ضم الضفة فعلياً، ولكن لم يجر حتى الآن نقاش استراتيجي فيما يتعلق بالخطط في الضفة وأمام السلطة الفلسطينية. مصدر رفيع سابق في جهاز الأمن، يعرف بشكل جيد الجهات العاملة، يطرح ادعاءات – التي تسمع أيضاً من قبل شخصيات رفيعة تعمل الآن في جهاز الأمن – أيضاً ضد سلوك القادة الكبار في الجيش الإسرائيلي. “الجيش الإسرائيلي باعتباره السيد في الميدان، فقد كل صلاحياته ومكانته بصورة أن لا أحد لا مستعد لطرح المشكلات على المستوى السياسي”، قال. “الجميع يدركون أنه في جلسة الكابنت القادمة أو جلسة الحكومة القادمة التي سيتم استدعاء الضباط إليها، سيتحولون إلى كيس اللكمات للوزراء”.

في جلسة سابقة، التي جرى فيها تقييم للوضع فيما يتعلق بعنف المستوطنين، قال رئيس قسم التحقيق أمام رئيس الأركان بأن الفترة الأخيرة هي الوقت الأصعب في الضفة من ناحية عنف اليهود ضد الفلسطينيين. وقد حذر من تدهور وضع سكان السلطة الذين لا يذهبون إلى العمل في إسرائيل منذ بداية الحرب. وأشار إلى بدء حدوث إحباط كبير في أوساط السكان الذين هم غير متورطين بالإرهاب، وحذر من تدهور أمني. ورغم أن الجميع سمعوا ذلك فإن المعلومات لم تخرج من غرفة الاجتماعات في مقر وزارة الدفاع لتصل إلى المستوى السياسي. “الجيش الإسرائيلي يخاف من الحديث، وقد فقد سيادته على الأرض”، قال ضابط كبير كان مشاركاً في التدريب في فرقة “يهودا والسامرة”. “الجيش الإسرائيلي يختفي وراء اعتقال آخر لناشط أو عملية في مخيمات اللاجئين، لكنها أحداث محددة. ولا يوجد من يقول ماذا سيكون لاحقاً”.

الجيش الإسرائيلي يتقبل الوضع على الأرض وتراجع مكانة الجيش أمام المستوطنين والفلسطينيين وأجهزة الأمن الفلسطينية، وكأنه أمر واقع. في حوارات مع السكان، يتفاخر قائد المنطقة الوسطى، الجنرال آفي بلوط، بإمكانية إقامة 120 بؤرة زراعية، أو باسمها القديم “بؤر استيطانية غير قانونية”. وقال قائد ميداني: “لقد تم ربط مئات “المزارع” ببنية تحتية تقدر بمليارات الشواقل، والجيش الإسرائيلي يصمت، ويرسل الجنود للمساعدة في إقامتها وحمايتها، رغم أنها بؤر استيطانية غير قانونية”. وحسب أقواله، فإن “الجميع يتحدثون عن اقتلاع المستوطنين لأشجار الفلسطينيين، ولا أحد يتحدث عن عدد الأشجار التي اقتلعها الجيش للفلسطينيين من أجل إقامة هذه المزارع أو شق طريق أخرى للوصول إلى هذه المستوطنات. يرسلوننا لحماية هذه المزارع، حيث عشرة شباب، وبعد ذلك عليك أن تشرح لوالدة الجندي بأن ابنها قتل وهو يدافع عن الوطن”.

القائد الذي كان له دور مهم في القتال في مخيم طولكرم للاجئين ابتداء من صيف 2024 يتفق مع هذه الأقوال ويقول إنه لم يتم فعل أي شيء بعد تلك العملية. وحسب قوله، يجلس الجنود الآن داخل البيوت في المخيم بدون أن تنتقل المسؤولية إلى السلطة التي تريد إقامة فيه مركز شرطة، وتصلح الإنارة، وتشق الشوارع، وتمنع وضع العبوات. وقال أيضاً إن الجيش وإن طالب بإجابات بشأن المستقبل فلن يجد.

في تشرين الأول، عين رئيس السلطة محمود عباس حسين الشيخ وريثاً له. منذ ذلك الحين، يعنى عباس ابن التسعين سنة، بتعزيز مكانة الشيخ. مسؤول أمني رفيع سابق مطلع على ما يحدث في قيادة المنطقة الوسطى قال للصحيفة: “حتى الآن، لم تتم مناقشة حول أهمية قرار نقل السلطة الفلسطينية إلى الشيخ. هل هذا جيد لنا؟ هل هو سيئ لنا؟ كيف سيستقبل في الشارع الفلسطيني؟ كيف ستبدو السلطة بوجوده؟ في السابق، كان يطرح مثل هذا الحدث على الفور، وكان الناس يبدأون في تحليل جميع تداعياته. إذا أدى ذلك إلى تقويض السلطة وحدثت انتفاضة فلسطينية، ربما سنكون في وضع استراتيجي صعب، لكن لا أحد يتطرق إلى هذه المسألة”.

جهات رفيعة في الجيش الإسرائيلي وقيادة المنطقة الوسطى، تقر بأنه لم يتم حتى هذه اللحظة إجراء أي نقاش استراتيجي بشأن التغيير الحكومي الوشيك في السلطة الفلسطينية. مسؤول رفيع سابق في المؤسسة الأمنية، مطلع على هذه الأمور، قال: “الشيخ شخص مقبول لدى إسرائيل والولايات المتحدة، لكنه يعتبر إشكالياً في السلطة الفلسطينية. الفلسطينيون في الضفة الغربية يعتبرونه فاسداً. وهناك قصص محرجة تحيط بحياته الشخصية. وتجاهل المستوى السياسي لذلك يعدّ فضيحة بكل المقاييس، لكن الجيش الإسرائيلي لا يحرك ساكناً أيضاً، ويفضل دفن الرأس في الرمال والهرب إلى الأماكن المريحة له”.

من يدعي أنه لا يمكن حدوث هجوم ضد مستوطنة في “يهودا والسامرة” أو ضد مستوطنة قريبة من الخط الأخضر، لا يقول الحقيقة للجمهور. في هذه الأثناء لا يوجد إنذار، لكن من سيقول “لم نعرف أن هذا قد يحدث”، إنما هو يكذب على الجمهور ببساطة”. حذر الضابط الكبير الذي كان مشاركاً في استنتاجات المناورة على مستوى فرقة. وأشار إلى أن التنسيق الأمني بين الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية الفلسطينية جيد، لكنه أوضح بأن “حدثاً واحداً مثل جريمة قومية، يقتل فيها عدد من الفلسطينيين، قد يحول الضفة الغربية في لحظة إلى ساحة حرب أساسية ستجر الجيش كله إليها”.

 هآرتس 18/11/2025



Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *