بيروت ـ «القدس العربي»: في وقت يطالب لبنان الرسمي المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف أعمالها العدائية، مازالت الآلة العسكرية الإسرائيلية تواصل انتهاكاتها واعتداءاتها التي طالت في آخر الضربات مهندسين كانا بصدد القيام بمهمة كشف على أضرار الحرب الإسرائيلية ومسح للبنية التحتية في بلدة الخيام الجنوبية من قبل شركة «معمار». والمهندسان اللذان استهدفتهما غارة من مسيّرة على طريق الجرمق – الخردلي، هما احمد سعد ومصطفى رزق من بلدة كفررمان، ونتج عن الغارة سقوط جريح ايضاً. وقد عملت فرق الاسعاف التابعة للصليب الاحمر وكشافة «الرسالة» الاسلامية على نقل الجثتين والجريح إلى المستشفى. وأعقب هذه الغارة تحليق كثيف للطيران المسيّر الإسرائيلي فوق بلدات أرنون -كفرتبنيت -النبطية الفوقا، حرج علي الطاهر ومنطقة الجرمق.
واستُهدفت هذه الشركة (معمار) في أيلول/سبتمبر 2020 بعقوبات وزارة الخزانة الأمريكية التي ادعت أنها «تابعة أو خاضعة لسيطرة أو توجيه» «حزب الله».
نعي النقابة للشهيدين
وقد نعت نقابة المهندسين ببالغ الأسى والحزن الشهيدين أحمد سعد ومصطفى رزق، وقالت في بيان «سقط الزميلان شهيدين للواجب، في الوقت الذي فيه النقابة والعائلة الهندسية تحتفل بـ«عيد المهندس والمعمار اللبناني»، فصار العيد يوماً للوفاء والتضحية، تجسدت فيه أعلى معاني الالتزام والانتماء والعطاء». وأكدت النقابة «أن العمل الهندسي في الميدان سيبقى رديفاً للصمود وإعادة الاعمار والبناء على الرغم من كل المخاطر والتحديات».
وختمت بتأكيد «مضيها في الدفاع عن كرامة المهنة وأرواح من يخدمون الوطن من خلالها».
وفي إطار الخروقات، ألقت مسيرة إسرائيلية قنبلة صوتية على بلدة كفركلا. كما ألقت محلقة إسرائيلية قنبلة صوتية على بلدة مركبا الحدودية، وقنابل صوتية على جرافتين في أطرافها مارون الراس وفي محيط حديقة مارون الراس.
التقرير الأول للجيش حول حصرية السلاح أمام الحكومة في 9 تشرين الأول
وتشن إسرائيل ضربات منتظمة في لبنان مؤكدة أنها تستهدف «حزب الله»، رغم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 بعد أكثر من عام من المواجهات مع التنظيم اللبناني الموالي لإيران.
وأبقت إسرائيل على وجود قواتها في خمس تلال في جنوب لبنان منذ نهاية الحرب. والأربعاء، أعلنت وزارة الصحة استشهاد شخص وإصابة خمسة آخرين في غارة إسرائيلية على الجنوب. وقالت الأمم المتحدة إنها تأكدت من استشهاد 103 مدنيين في لبنان منذ وقف إطلاق النار، مطالبة بوقف الانتهاكات ضد لبنان.
وتحت وطأة ضغوط أمريكية، طلبت الحكومة اللبنانية في آب/أغسطس الماضي من الجيش وضع خطة لنزع سلاح «حزب الله» الذي أضعفته الحرب الاخيرة مع إسرائيل الى حد بعيد. وأكد وزير الخارجية يوسف رجّي أن الجيش سينجز نزع سلاح المقاتلين في المنطقة الحدودية بحلول ثلاثة أشهر.
التضامن الوزاري
وتأتي هذه التطورات العسكرية قبل أيام على معاودة انعقاد جلسة مجلس الوزراء أمس الخميس المقبل للاطلاع على تقرير قيادة الجيش حول خطة حصرية السلاح بعد أن يكون انقضى شهر على جلسة 5 أيلول/سبتمبر، حيث تم تكليف الجيش بتنفيذ الخطة، وطُلب منه تقديم تقرير شهري لمجلس الوزراء عن تطبيقها.
وستتطرق الجلسة إلى قضية صخرة الروشة، في ظل اتصالات لإظهار التضامن الوزاري. وقد أبلغ رئيس الحكومة نواف سلام أن العلاقة مع رئيس الجمهورية جوزف عون تتجه نحو الحلحلة ولا يريد إحداث خلل في السلطة التنفيذية، فيما العلاقة مع «حزب الله» مقطوعة بعد الخلل بالتزام الترخيص في تحرك الروشة، موضحاً أن التواصل يقتصر فقط مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ولفت رئيس الحكومة إلى أنه يتواصل مع القادة الأمنيين ولا يرغب في إحداث فجوة أمنية لكنه ماض في منطق المحاسبة ولا تراجع وهذا ما سيحصل لأنه لا يوجد أحد فوق القانون، مشدداً على التزامه دولة القانون وتطبيقه وتطبيق ما التزمته الحكومة في جلستي 5 و7 آب/أغسطس أي الاستمرار بحصر السلاح في يد الدولة، وهذا أمر لا تراجع عنه.
وأمام وفدٍ من أهالي بيروت، شرح رئيس الحكومة خلفيات صدور تعميم شدد فيه على وجوب الالتزام بالقوانين الناظمة لاستخدام الأملاك العامة والمعالم الوطنية، لا سيما إضاءة صخرة الروشة بصورة الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، وأكد أن «هذا التعميم جاء لدرء الفتنة وحماية السلم الأهلي في وسط شحن يسود البلد».
وذكّر بأن البلد مرّ بقطوع أصعب من قضية صخرة الروشة، لا سيما إقفال طريق المطار حيث تدخلت الأجهزة الأمنية وعملت على فتحه أكثر من مرة، وكذلك الأمر مع الظهور المسلح بمناسبة إحياء عاشوراء وأيضًا تدخلت القوى الأمنية وأوقفت المسلحين، مشددًا على أن زمن الظهور المسلح انتهى.
وقد تواصلت التحقيقات أمس في موضوع مخالفة قرار رئيس الحكومة واضاءة صخرة الروشة، فجرى استجواب شخصين، بإشراف النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، الذي أمر بترك أحدهما بسند إقامة والثاني رهن التحقيق، والأخير هو صاحب جهاز «الليزر» الذي جرى عبره إضاءة الصخرة بالصورتين. كما جرى استدعاء ثلاثة أشخاص آخرين لاستجوابهم في هذه القضية.
ريفي: الاستكبار ولّى
و أعلن النائب أشرف ريفي بعد زيارته رئيس الحكومة بحضور رئيس لجنة الحوار اللبناني- الفلسطيني السفير رامز دمشقية «أن موقف دولته المتمسك بدولة القانون والمؤسسات هو موقفنا جميعاً، ونقول لمن يتوهمون فائض القوة: لن نسمح بإسقاط هيبة الدولة، ولن نسمح باستباحة بيروت أو استفزاز أهلها الأحرار. وإن ما جرى في الروشة كان محاولة استعراضية فاشلة، لمواجهة الشرعية وإظهار فائض قوة وهمي».
وقال «شاهدنا بأم العين كيف حاولت دويلة «حزب الله» فرض أمر واقع على بيروت، لكن فات الدويلة أن سلوك الاستكبار ولّى إلى غير رجعة وأن الدولة أقوى من أي استعراض ميليشياوي. ولم يعد ينفع الهروب إلى الداخل بعد أن فشل في معاركه أو مغامراته أو مقامراته الخارجية.
وأضاف ريفي «نؤمن أن السراي الكبير، ورئاسة الحكومة بقيادة الدكتور نواف سلام، الاصلاحي النزيه، الصامد وغير المنبطح، تمثلان أحد أعمدة الدستور والشرعية. وأنا واثق أن الرئيس سلام، ابن بيروت، خرج أقوى بتمسكه بالقانون، وهو لن يتراجع عن حماية المؤسسات، وكل اللبنانيين الأحرار معه. أقول للدويلة المهزومة: لن يعود الزمن الذي يُرفع فيه الإصبع في وجه اللبنانيين. لقد انكسر هذا الإصبع إلى غير رجعة، وإرادتنا كلبنانيين أحرار أقوى وأصلب من أي مشروع فوضى أو وصاية».
علاقة عون وسلام إلى الحلحلة… ولا اتصالات بين سلام و«حزب الله» بعد حادثة الروشة
وتوجه «برسالة إلى أركان الدولة وجميع القوى الأمنية والعسكرية: كونوا يداً واحدة، ولا مكان للتردد أو المساومات. أنتم أمل اللبنانيين في حماية الدولة، وإعادة لبنان إلى رحاب القانون والمؤسسات. مسؤوليتكم جسيمة، والتاريخ لن يرحم أي تقاعس أو تردد».
ورأى «أن أحداث المنطقة داهمة والخطر المحدق بلبنان كبير، ولا حماية للبنان، الا بالشرعية وبالدعم العربي والدولي، ووحدة أبنائه ومكوناته، ونشد على يد جميع المسؤولين للتطبيق قرارات الحكومة في 5 و7 آب، و 5 أيلول المنصرم، كأقصر طريق لحماية لبنان واستعادة سيادة الدولة والمؤسسات». وختم «التضامن بين الرئاسات والمؤسسات مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى، وهو واجب ينطلق من مسؤولية نزع السلاح غير الشرعي وتطبيق الدستور والقرارات الدولية.
لبنان يستحق منا أن نحميه موحدين، أن نصدّ كل مشاريع الخراب والتبعية، وأن نؤكد أن مستقبل هذا الوطن هو دولة قوية، عادلة، قائمة على القانون، لا على سطوة السلاح أو التشبيح. ولأهل بيروت الأحباء نقول: عاصمة لبنان مرفوعة الرأس ودائماً بإذن الله، أما الشبيحة فإلى مزابل التاريخ. ومن يعش يرى».
وحول وثائق الاتصال وتوقيف شيخ شيعي في المطار من قبل الأمن العام، قال ريفي »اليوم طرح خلال الاجتماع موضوع وثائق الاتصال وقرار الإخضاع والسجل 303، وأوضحت لدولته انه لدي خلفية أمنية ولكن لا أرضى ان يقام في لبنان دولة أمنية، بل نريد دولة الحق والقانون، وان لا يتم توقيف احد وإجراء بحث وتحري إلا بإشارة قضائية فقط، وهذا عقل أمني مثل المخابرات السورية سابقاً».
وأضاف «طرحت على دولته تشكيل لجنة قضائية أمنية، وأي جهاز يطبق كتب المعلومات أو الإخضاع أو السجل 303 يجب اتخاذ قرار بحقه، لأنه لا يجوز ان نبقى دولة أمنية ونحن على أبواب القرن 22، فحافظ الأسد وبشار الاسد اللذين هم أساس هذه العلة أو السلوكيات طاروا جميعاً».