دير البلح- الأراضي الفلسطينية: روت الطبيبتان الأستراليتان سايا عزيز وندى أبو الرب لوكالة فرانس برس، مشاهد مروعة رأتاها يوميا لكبار وصغار قطّع أطرافهم القصف الإسرائيلي الذي يحوّل قطاع غزة الى ما يشبه “المسلخ” البشري، بعد عامين على اندلاع الحرب.
وقالت سايا عزيز، وهي طبيبة تخدير، أن الصور ومقاطع الفيديو في وسائل الإعلام وعلى منصات التواصل لحجم الدمار والقتل في غزة، لا تنقل بشكل وافٍ الواقع في القطاع المحاصر.
وقالت لوكالة فرانس برس السبت “الأمور التي لا ينقلها الفيديو هي الرائحة، العويل وصراخ الأهل الذين يشهدون موت أطفالهم أو يعانون بألم”.
أضافت أن يوميات غزة باتت عبارة عن “عدد هائل من الإصابات يليه عدد هائل من الإصابات”، موضحة أنها رأت “أجساما ممزقة ومقطعة، دماء، رؤوسا مهشّمة، أذرعا مكسورة، أطرافا مقطّعة، ليس فقط مقطّعة، بل مفتتة حتى”.
وتابعت “لا يمكن أن ترى مثل هذه المشاهد في حياتك، دماء في كل مكان… الأمر أشبه بمسلخ”.
وقامت عزيز وزميلتها ندى أبو الرب، وهي أسترالية من أصل فلسطيني، بمهمة في غزة استمرت أربعة أسابيع، وغادرتا القطاع الفلسطيني صباح الأحد.
وأسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة منذ عامين، عن دمار هائل في القطاع مسح أحياء بكاملها. وحلّت ملايين الأطنان من الركام مكان المنازل والمباني التي كانت في ماضي الأيام تعجّ بالسكان من كل الأعمار.
وألحقت الهجمات الإسرائيلية أضرارا بالغة بالمستشفيات والمدارس وأنظمة المياه والصرف الصحي. ووصل الوضع الإنساني في القطاع الذي يتجاوز عدد سكانه مليوني نسمة، إلى مستويات كارثية بلغت حد إعلان الأمم المتحدة المجاعة في آب/أغسطس الماضي.
واضطرت الغالبية العظمى من سكان القطاع إلى النزوح مرة واحدة على الأقل منذ اندلاع الحرب. ولجأ مئات الآلاف إلى مدارس ومخيمات مؤقتة ومناطق مفتوحة نصبوا فيها الخيم، وحيث يفتقرون الحاجيات الأساسية.
واندلعت الحرب إثر هجوم شنّته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أسفر عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، استنادا إلى أرقام رسمية.
وخطف إبان الهجوم 251 شخصا، ما زال 47 منهم محتجزين، من بينهم 25 قضوا وفقا للجيش الإسرائيلي.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على غزة عن استشهاد ما لا يقل عن 67139 فلسطينيا، وفقا لأرقام وزارة الصحة في القطاع التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
“من سيعتني بهم؟”
ولا تدرج الوزارة في بياناتها عدد المقاتلين الشهداء، لكنها تؤكد أن غالبية الضحايا في القطاع هم من النساء والأطفال، وهو ما تظهره الصور واللقطات المأخوذة لوصول الجثثامين والجرحى إلى المستشفيات، أو تشييع الضحايا على مدار اليوم في غزة.
وقالت عزيز إن الأطفال في غزة يعانون أكثر من غيرهم جراء هذه الحرب.
وأوضحت “الأصعب كان (علاج) الأطفال الذين يعانون مرضا، يغيبون عن الوعي، ينزفون… تحتاج إلى تخديرهم وأنت تدرك أنه لم يتبق أي من أفراد أسرهم على قيد الحياة”، سائلة “من سيخبرهم، من سيعتني بهم؟”.
بدورها، قالت أبو الرب إن إسرائيل التي تحاصر القطاع منذ أعوام، فرضت قيودا على إدخال الإمدادات الأساسية بما في ذلك حليب الأطفال والمنتجات الغذائية الخاصة بهم.
وأوضحت “قاموا عمليا بتهديد أي منظمة تُدخل حليب الأطفال، بأنه سيتم حظرها ولن يسمح لأي طبيب منها” بدخول غزة مجددا.
أضافت “ما الذي يخيف في حليب الأطفال؟”.
وأشارت الى أن السلطات الإسرائيلية حظرت كذلك إدخال زبدة الفول السوداني والمغذيات الوريدية التي تعتبر ضرورية للأطفال الذين يتعافون من عمليات جراحية كبيرة في الأمعاء.
وأوضحت “قاموا بكسر تلك الزجاجات ولم يسمحوا لنا بإدخالها”.
ووصفت أبو الرب ما رأته في غزة بأنه “مروّع”. وقالت “الناس يموتون جراء الانفجارات، أجسادهم تتمزق إربا، عائلات بأكملها تباد أو يبقى منها ناجٍ وحيد (يعاني) إصابات بالغة”.
وأكدت أن كل زميل عملت معه فقد كثيرين من أفراد عائلته، إضافة الى منازلهم وممتلكاتهم الشخصية وسياراتهم. وتابعت “فقدوا كل ما يملكونه، لم يتبق شيء هنا في غزة”.
(وكالات)