بغداد ـ «القدس العربي»: تصدرت العاصمة الاتحادية بغداد، أمس الأربعاء، قائمة المدن الأكثر تلوثاً في العالم، بعد يومين متواصلين من انتشار السحب الدخانية الكثيفة. فيما حذر مرصد «العراق الأخضر» المختص بشؤون البيئة، من تكرار موجات التلوث خلال الأسابيع المقبلة، مرجحاً أن تضطر البلاد مستقبلاً إلى إعلان عطلة رسمية في الأيام التي ترتفع فيها نسب التلوث إلى مستويات خطيرة.
تجاوز نيودلهي
وحسب المؤشر العالمي لجودة الهواء، فقد «سجلت بغداد مستوى غير مسبوق من التلوث الجوي، إذ حلت للمرة الأولى في المرتبة الأولى عالميا، متجاوزة مدنا معروفة بارتفاع نسب التلوث، حيث جاءت العاصمة الهندية نيودلهي في المرتبة الثانية، تلتها العاصمة البنغلاديشية دكا في المركز الثالث».
وفي سياق متصل، ذكر مرصد «العراق الأخضر» في بيان، أن «التلوث الذي شهدته بغداد (الثلاثاء) كان الأوسع على نطاق الانتشار والأكثر خطورة خلال عام كامل، نتيجة وجود مركبات سامة ناتجة عن عمليات حرق النفايات التي لم يُوضع لها حد حتى الآن، إلى جانب انبعاثات غازات أخرى مثل ثاني أوكسيد الكبريت، مما تسبب بحالات اختناق بين المواطنين نُقل بعضهم على إثرها إلى المستشفيات، إضافة إلى زيادة حالات التحسس».
وتوقع المرصد أن «تشهد الأعوام المقبلة إعلان عطلة رسمية في أي يوم ترتفع فيه نسب التلوث إلى مستويات مهددة للصحة، في حال استمرار الأوضاع على ما هي عليه دون معالجة حقيقية، والاكتفاء بنصائح البقاء في المنازل وإغلاق النوافذ وتجنب الأماكن المفتوحة، كما اعتادت الجهات الرسمية».
غياب الحلول
وأكد المرصد «غياب الحلول التي أعلنت عنها الجهات المختصة لتقليل التلوث في بغداد، رغم التصريحات بشأن إغلاق معامل الطابوق والآلاف من الأنشطة المخالفة للمحددات البيئية»، مشيرًا إلى أن «قلة الغطاء الأخضر وتحول العاصمة إلى مدينة كونكريتية بشكل شبه كامل فاقما من الأزمة البيئية الحالية».
في الاثناء، حذّرت وزارة البيئة، من أي تراخٍ من الجهات التنفيذية المعنية في الحد من المخالفات المتكررة لبعض الأنشطة الصناعية التي تستغل ساعات الليل للقيام بعمليات حرق غير قانونية في أطراف العاصمة بغداد.
وأكدت في بيان، أنها ضاعفت جهودها الرقابية منذ فجر أمس للحد من تلوث الهواء وانبعاثات الدخان التي تتكرر في العاصمة بين حين واخر.
نتيجة مركبات سامة ناتجة عن حرق النفايات… وحالات اختناق بين المواطنين
وأوضحت أن «الرصد الميداني لفرق الوزارة والتواصل المستمر مع شكاوى المواطنين من خلال قنوات تواصل متعددة وضعتها الوزارة على مدار الساعة، إضافة إلى بيانات الأقمار الصناعية والتي كشفت عن عدة بؤر حرق في أطراف بغداد ومحيطها، من ضمنها الحرائق المسجلة في منطقة معسكر الرشيد، حيث وجّهت الوزارة فرقها لاتخاذ الرقابية الإجراءات القانونية والقضائية بحق المخالفين».
وبيّنت أنها «تواصل تنسيقها مع قيادة عمليات بغداد لضبط المخالفين بأعمال الحرق العشوائي»، مشيرة إلى أن حملاتها الأخيرة أسفرت عن «إزالة وإيقاف مئات المواقع المخالفة، شملت (مواقع) صهر ومعامل الطابوق والأسفلت، إضافة إلى متابعة المولدات ومراقبة استخدام الوقود الرديء».
كما أوضحت أن «الظروف الجوية الحالية، ولا سيما ظاهرة الانعكاس الحراري، ساهمت في احتجاز الملوثات قرب سطح الأرض، مما يزيد من وضوح هذه الظاهرة»، مؤكدة أن «أي تقصير في ضبط الأنشطة الملوثة سيُفاقم المشكلة بشكل أكبر».
ودعت وزارة البيئة كلاً من وزارة النفط، وأمانة بغداد، ومحافظة بغداد، واتحاد الصناعات، والجهات المعنية كافة إلى «الإسراع في تنفيذ البرامج التي وضعتها الوزارة لتغيير منظومات الحرق في المعامل الصغيرة والمتوسطة، والاستفادة من برامج القروض التي يجري العمل عليها بالتنسيق مع البنك المركزي العراقي، بهدف المعالجة الجذرية لهذه المشكلة المتكررة».
ضوابط بيئية
ميدانياً، أغلقت قوات أمنية تابعة لقيادة عمليات بغداد، أمس، عددا من معامل إنتاج «الإسفلت» وأزالت بؤر حرق النفايات المخالفة للضوابط البيئية والصحية جنوبي العاصمة.
وذكرت في بيان لها أنه «تنفيذاً لتوجيهات رئيس الوزراء ولليوم الثاني على التوالي، تواصل لجنة الأمر الديواني وبهدف تقليل التلوث البيئي الحاصل نتيجة انبعاث الغازات والروائح المرافقة لعمليات الإنتاج، واجبات غلق وتدقيق (المصانع والمعامل وكور صهر المعادن) غير المجازة».
وحسب البيان، «تمكنت اللجنة بالاشتراك مع مفارز (وزارة البيئة، جهاز الأمن الوطني، الدوائر البلدية، مديرية الدفاع المدني) من غلق عدد من معامل إنتاج الإسفلت، وإزالة بؤر حرق النفايات العشوائية المخالفة للضوابط الصحية والبيئية وشروط السلامة والأمان والتي تستغل ساعات الليل للقيام بعمليات الحرق مما تتسبب بضرر على صحة وسلامة المواطنين، وذلك ضمن منطقة اليوسفية ومناطق جنوب العاصمة».