العمالة الأجنبية في العراق.. تفاقم اقتصادي وأمني وسط عجز حكومي عن ضبط الملف


المدى/خاص
تتزايد أعداد العمالة الأجنبية في العاصمة بغداد وبقية المحافظات العراقية يوماً بعد آخر، وسط عجز حكومي واضح في ضبط هذا الملف، في ظل إجراءات ضعيفة من قبل وزارة الداخلية، وعدم وجود ضوابط صارمة تمنع تسرب العمالة الأجانب إلى البلاد، خصوصاً أولئك الذين يدخلون بذريعة الزيارات الدينية.

وتُظهر تقارير استقصائية أن غالبية هذه العمالة قادمة من دول شرق آسيا، وقد تجاوزت نسبتها في بعض القطاعات، بما فيها المرافق العامة وحتى الدوائر الحكومية، حاجز الـ60%. هذا التوسع الكبير انعكس سلباً على سوق العمل المحلي، إذ أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة بين العراقيين نتيجة انخفاض أجور العمالة الأجنبية مقارنة بالمحلية، ما دفع أرباب العمل إلى تفضيل الأجانب على حساب أبناء البلد.

ولا يقتصر خطر العمالة الأجنبية على الجانب الاقتصادي فحسب، بل يمتد إلى التهديد الأمني، خصوصاً مع تنامي جرائم الخطف والابتزاز، وانتشار عصابات منظمة تستغل وجود الأجانب في تنفيذ عمليات مشبوهة. وتشير تقارير أمنية إلى أن بعض الجماعات الإرهابية لجأت إلى استغلال العمالة الأجنبية لزرع عناصرها داخل البلاد بهدف جمع معلومات عن مواقع حساسة أو تنفيذ عمليات تجنيد.

عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، النائب إسكندر وتوت، أكد في تصريح تابعته (المدى) أن تفاقم ظاهرة العمالة الأجنبية غير الشرعية “يُمثل تهديداً حقيقياً للأمن الداخلي، يفوق في خطورته التهديدات الخارجية”.

وبيّن وتوت أن “اللجنة تتابع عن كثب هذا الملف مع وزارات الداخلية، والأمن الوطني، والمخابرات الوطنية، من أجل وضع آليات صارمة للحد من العمالة غير النظامية التي تسهم في حرمان العراقيين من فرص العمل”.

وأشار إلى أن “معظم هذه العمالة تتسلل إلى البلاد عبر إقليم كردستان، وقد تم توجيه وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية بتشديد الرقابة على السيطرات الأمنية وضبط المخالفين لإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية”، لافتاً إلى أن لجنة الأمن والدفاع تعقد اجتماعات أسبوعية مع وزير الداخلية لمناقشة الإجراءات المتبعة، مؤكداً أنه “تمت المطالبة بوضع عقوبات مشددة بحق كل من يتورط بتشغيل أو إيواء العمالة غير القانونية، سواء كانوا شركات أو أصحاب فنادق أو شقق سكنية”.

وفي حديث خاص لـ(المدى)، يرى الخبير الاقتصادي طه الجنابي أن ملف العمالة الأجنبية أصبح “من الملفات المهملة التي تترك تداعيات مباشرة على سوق العمل والاقتصاد الوطني”.

ويضيف الجنابي أن “الأرقام المتداولة تكشف عن خسائر مزدوجة؛ فمن جهة هناك إزاحة للعمالة المحلية وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب العراقي، ومن جهة أخرى تُستنزف العملة الصعبة عبر التحويلات المالية التي يقوم بها هؤلاء العمال إلى بلدانهم، وهو ما يضعف الدورة الاقتصادية الداخلية”.

ويؤكد الجنابي أن “غياب سياسة واضحة لتنظيم سوق العمل وتحديد نسب العمالة الأجنبية المسموح بها يفتح الباب أمام انفلات اقتصادي، يشجع أرباب العمل على استقدام عمالة رخيصة على حساب الكفاءات الوطنية”، مشدداً على أن “معالجة هذه الظاهرة تحتاج إلى قانون عمل صارم، مع تنسيق جدي بين وزارات الداخلية والعمل والتخطيط، لضبط الحدود من جهة، وتأهيل الشباب العراقي لسد حاجة السوق من جهة أخرى”.



Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *