بغداد/المدى
أكد وزير الخارجية فؤاد حسين، أن العلاقات العراقية – الأمريكية راسخة ومبنية على أسس تاريخية واستراتيجية، نافياً وجود أي تراجع في الاهتمام الأمريكي بالعراق، ومشدداً على أن أولويات واشنطن تغيّرت باتجاه ملفات عالمية أخرى من دون أن يؤثر ذلك على طبيعة التعاون الثنائي.
وقال وزير الخارجية في مقابلة تابعتها (المدى)، إن “واشنطن لم تدر ظهرها للعراق لأن العلاقات الامريكية العراقية تستند على مجموعة امور اولها العلاقات التاريخية، وكذلك بوجودهم عسكرياً في إقليم كردستان منذ عام 1991 وبغداد منذ 2003 والذي خلق علاقات واسعة بين الطرفين، لأن الالاف من الامريكان برتب مختلفة عاشوا في العراق وعملوا فيه والان قسم كبير منهم عادوا الى بلدهم، فضلاً عن مجموعة من اعضاء الكونجرس ممن كانوا دبلوماسيين او كضباط”.
وأضاف أن “العراق والولايات المتحدة يرتبطان بسلسلة تفاهمات واتفاقات شاملة تغطي مجالات متعددة، تشمل الطاقة والاقتصاد والثقافة والتعليم والصحة، إلى جانب التعاون الأمني والعسكري. ومع اجتياح عصابات داعش الإرهابية للعراق عام 2014، بادرت واشنطن إلى تأسيس التحالف الدولي وقيادته دعماً للعراق في حربه ضد الإرهاب، ما يعكس عمق العلاقات الثنائية وتشعبها”.
ولفت إلى أن “الإدارة الأمريكية الحالية تركز أولوياتها على ملفات أخرى تتعلق بعلاقاتها مع الصين وروسيا وأوكرانيا، فضلاً عن الشؤون الداخلية الأمريكية، فيما يشهد العراق اليوم مرحلة استقرار وأمن، تختلف جذرياً عن الوضع ما بعد سقوط النظام السابق وظهور الإرهاب والحرب على القاعدة وداعش”.
وأكد أن “العلاقات العراقية – الأمريكية لم تشهد إهمالاً، بل تغيرت طبيعتها بما يتناسب مع المرحلة الراهنة، لتصبح علاقات طبيعية ومتوازنة قائمة على المصالح المشتركة والتعاون المتبادل”.
وبين، أن “اجتماع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع 8 دول عربية وإسلامية خصص لغزة وفلسطين والحديث عن ما يسمى بـ “حل الدولتين”، ومن هذا المنطلق لم يحضره العراق إذ موقفه ليس مع ما يسمى بحل الدولتين، والقانون العراقي يمنع الدخول في هكذا مناقشات، ولا يوجد أي عزل لنا”.
واستطرد، ان “كل الدول العربية بما فيهم الشعب الفلسطيني يطالبون بمسألة حل الدولتين، وهذا موقف يحتاج الى دراسة من قبل الاحزاب الوطنية العراقية والكتل في البرلمان”.
وأضاف حسين في حديثه أن “موقف العراق ثابت وواضح في دعم حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، وهو حق مشروع نؤيده بالكامل، وخلال جميع مراحل العدوان على غزة، كان العراق من أوائل الداعين إلى وقف الحرب وفتح الممرات لإرسال المساعدات الإنسانية، مع رفضٍ قاطعٍ لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني”.
وعن مستوى التمثيل الدبلوماسي الأمريكي في بغداد، أوضح حسين أن “الإدارة الجديدة للرئيس ترامب تركت عدداً من المناصب شاغرة، خصوصاً في المستويات الوسطى داخل الوزارات، بما في ذلك وزارة الخارجية الأمريكية التي شهدت إبعاد عدد كبير من الموظفين الذين عملوا في عهد الرئيس السابق جو بايدن، من دون تعيين بدلاء عنهم حتى الآن”.
وأضاف أن “جزءاً من هذه الأزمة يتعلق بتعيين السفراء الأمريكيين في الخارج، إذ يتطلب ذلك موافقة الكونغرس وهي عملية معقدة وطويلة، الأمر الذي جعل العديد من السفارات حول العالم بلا سفراء رسميين، وفي العراق يتولى حالياً قائم بالأعمال إدارة البعثة الدبلوماسية الأمريكية”.
وعن العلاقة مع دول التحالف الدولي، أشار حسين إلى أن “هناك نحو 85 دولة في التحالف ولدى العراق مع العديد من هذه الدول علاقات مهمة وقوية في عدة جوانب من بينها الأمني والعسكري، وهناك حاليا مباحثات لتعزيز التعاون مع فرنسا وبريطانيا وهولندا وايطاليا ودول أوروبية أخرى وايضاً الجانب الأمريكي، وهذه العلاقات تتحول من علاقات مع تحالف الى ثنائية من خلال الوصول الى تفاهمات امنية وعسكرية سواء على شكل مذكرات تفاهم او على شكل اتفاقيات”.
ولفت إلى أن ” قوات التحالف جاءت بدعوة من الحكومة العراقية لمحاربة داعش وليست قوات محتلة، وتواجد التحالف لم يكن كبيرا واقتصر على التدريب، وفي النهاية ستتحول هذه العلاقات الى امنية وعسكرية ثنائية”.
ونوه حسين الى أن “سياسة العلاقات العراقية بدأت بالأولويات مثل بناء العلاقات مع دول الجوار الجغرافي والدول العربية والإسلامية، وبعد سقوط النظام السابق بدأت العلاقات أولا مع الدول الغربية وحاولنا ان نكوِّن علاقات متوازنة في كثير من المراحل، واصبحنا الوسيط لإعادة تطبيع العلاقات بين بعض الدول ومثال ذلك السعودية وإيران، حيث احتضنت بغداد خمس جولات من الحوار بينهما، وكذلك كان أول اجتماع لإعادة العلاقات بين مصر وقطر وكذلك بين مصر وإيران في بغداد”.
وأكد أن “العراق تحول من بلد يعاني من المشاكل والتحديات الى بلد مستقر يساهم في حل المشاكل بين الدول، وعلاقاته قوية مع الكثير من الدول ويلعب دورا مهماً في كثير من الساحات”.
العلاقات العراقية – الإيرانية
وعن العلاقات مع إيران أوضح وزير الخارجية أن “العراق تربطه حدود طويلة مع إيران ولدينا علاقات مشتركة مجتمعية وثقافية ودينية واقتصادية كثيرة ونفهم المجتمع الايراني ايضا سواء بالثقافة المشتركة او بحكم الجوار”.
وعن العلاقات مع سوريا قال حسين إن “التقييم العراقي للوضع في الدول المجاورة يقوم على إبداء الآراء ومتابعة التطورات دون التدخل المباشر، لأن استقرار هذه الدول يؤثر إيجاباً علينا، وعدم استقرارها يؤثر سلباً، وبالنسبة لسوريا فإنه لا يزال هنالك عناصر لعصابات داعش متواجدين في بعض المناطق القريبة من الحدود العراقية، ما يشكل تهديداً مباشراً لنا، لذا نحتاج إلى تنسيق وعمل مشتركين مع الجانب السوري لمواجهتهم”
وأضاف: “وجهة نظرنا أن سوريا تحتاج إلى مسيرة سياسية شاملة تشرك جميع مكوناتها لخلق سلم مجتمعي حقيقي، عبر شراكة وثقة متبادلة، فالمكونات السورية اليوم تحتاج إلى الثقة فيما بينها، ويجب جمع الأطراف من الشمال إلى الجنوب ـ بما في ذلك الطائفة الدرزية ـ قبل أن تستغل قوى إقليمية هذا الفراغ، وهو ما نبهنا إليه الجانب السوري، إذ التقيت نظيري السوري نحو 8 مرات”.