المدى/خاص
توقع عضو لجنة النفط والطاقة النيابية، علي اللامي، أن يشهد العراق نهاية ظاهرة حرق الغاز المصاحب لاستخراج النفط الخام خلال العامين المقبلين، مؤكداً أن هذا التحول سيشكل نقلة اقتصادية وبيئية كبيرة للبلاد بعد عقود من الهدر والتلوث.
وقال اللامي في حديثٍ تابعته (المدى) إنّ “مسارات استثمار الغاز المصاحب لإنتاج النفط الخام في الحقول العملاقة في الجنوب والفرات الأوسط تسير بخطوات متسارعة من قبل الشركات المطورة، وقد حققت نسب إنجاز متميزة للغاية”.
وأضاف أن “انتهاء عمليات حرق الغاز قبل عام 2027 سيتيح للعراق الدخول في مرحلة جديدة من استغلال الغاز، سواء عبر التصدير أو من خلال تغذية محطات الطاقة الكهربائية والصناعات المحلية بالوقود الوطني، ما سيقلل الاعتماد على الاستيراد الخارجي ويوفر موارد مالية ضخمة للخزينة العامة”.
وبيّن النائب أن “التحول المقبل لن يقتصر على العائدات الاقتصادية، بل ستكون له انعكاسات بيئية وصحية مباشرة، إذ إن العراق أحرق خلال العقود الماضية كميات هائلة من الغاز، مما تسبب في انبعاث الأبخرة والدخان السام وارتفاع معدلات التلوث والأمراض التنفسية في المدن النفطية”.
وأشار اللامي إلى أن “عمليات إنهاء الحرق تتم وفق أحدث التقنيات العالمية، وبشراكات مع شركات متخصصة، وأن ما سيتم إنجازه سيساهم في حماية البيئة وتحسين نوعية الهواء، فضلاً عن خفض انبعاثات الكربون التي تضع العراق ضمن قائمة الدول الأكثر تلوثاً في المنطقة”.
وفي السياق ذاته، قال الخبير الاقتصادي طه الجنابي في حديثٍ لـ(المدى) إن “العراق تكبّد خسائر مالية ضخمة نتيجة استمرار حرق الغاز المصاحب على مدى سنوات طويلة، إذ تشير التقديرات إلى أن حجم الغاز المحترق يتجاوز 700 مليون قدم مكعب يومياً، وهو ما يعادل مليارات الدولارات من العائدات المهدورة سنوياً”.
وأوضح الجنابي أن “القيمة الاقتصادية لهذا الغاز لا تقتصر على بيعه كمصدر للطاقة أو للتصدير فحسب، بل تمتد إلى كونه أساساً في صناعة البتروكيماويات والأسمدة، وهي قطاعات يمكن أن توفر مئات الآلاف من فرص العمل وتعيد تنشيط الاقتصاد الوطني”.
وأضاف أن “العراق في حال نجح فعلاً في إيقاف حرق الغاز بحلول 2027، فسيتمكن من تحقيق اكتفاء ذاتي في إنتاج الغاز خلال فترة وجيزة، وربما التحول إلى مصدرٍ له في غضون سنوات، شريطة وجود إدارة فعالة لملف الطاقة واستراتيجية واضحة للاستثمار”.
وأشار الجنابي إلى أن “تأخير استثمار الغاز لم يكن مجرد خسارة مالية، بل حرم العراق من فرصة بناء قاعدة صناعية متكاملة تعتمد على موارده الطبيعية بدلاً من الاستيراد، كما أدى إلى زيادة الضغوط على قطاع الكهرباء الذي يعتمد بشكل كبير على الغاز المستورد لتشغيل محطاته”.
وأكد أن “الإسراع في تنفيذ مشاريع معالجة الغاز واستثماره محلياً سيمنح العراق استقراراً في منظومة الطاقة، ويعزز أمنه الاقتصادي، خصوصاً مع التغيرات الإقليمية في سوق الغاز وأسعاره المتذبذبة”.
ويأتي هذا التوجه الحكومي في وقت يسعى فيه العراق إلى تقليص اعتماده على استيراد الغاز الإيراني، وتحسين مزيج الطاقة المحلي، تماشياً مع الالتزامات البيئية العالمية للحد من الانبعاثات وتحقيق التنمية المستدامة.