المدى/خاص
أكدت لجنة الصحة والبيئة النيابية، الأربعاء، أن العراق بحاجة إلى إنشاء ما لا يقل عن 100 مستشفى جديد في عموم المحافظات، لضمان التغطية الشاملة للخدمات الصحية، مشددة على ضرورة رفع التخصيصات المالية لوزارة الصحة بما يتناسب مع حجم احتياجاتها.
وقال عضو اللجنة، النائب باسم الغرابي، في تصريح تابعته (المدى) إن “القطاع الصحي في العراق لا يزال يعاني من التراجع، على الرغم من تنفيذ عدد من المشاريع الصحية، إلا أن الحاجة الفعلية لتوفير خدمات متكاملة تتطلب إنشاء 100 مستشفى إضافي”.
وأضاف الغرابي أن “المشكلة لا تقتصر على نقص البُنى التحتية، بل تمتد إلى غياب الأدوية الأساسية وشحّ الأجهزة الطبية الحديثة، بسبب ضعف التخصيصات المالية الممنوحة للوزارة”.
وأشار إلى أن “الخدمات الصحية يجب أن تحظى بأولوية في الموازنة، بحيث تكون مخصصاتها موازية أو أقل بقليل من مخصصات وزارتي الدفاع والداخلية، بالنظر إلى الأهمية الحيوية لهذا القطاع ودوره في الحفاظ على حياة المواطنين”.
وفي السياق ذاته، قال الناشط المدني سعدون سامر، في حديث لـ(المدى)، إن “الواقع الصحي في العراق، ولا سيما في المحافظات البعيدة عن العاصمة، يواجه انهيارًا تدريجيًا، ليس فقط بسبب نقص المستشفيات، بل بسبب سوء توزيع الكوادر الطبية وهجرة الأطباء وضعف الصيانة للمؤسسات القائمة”. وأضاف أن “هناك مستشفيات في بعض المحافظات ما زالت تفتقر إلى أجهزة المفراس والرنين، فيما تعتمد مستشفيات أخرى على أجهزة مضى على تشغيلها أكثر من عقدين”.
وبيّن سامر أن “المشكلة الكبرى تكمن في غياب التخطيط المستدام، إذ تُفتتح مشاريع جديدة بلا كادر كافٍ أو تمويل تشغيلي، ما يجعلها غير قادرة على تقديم الخدمات بعد أشهر من افتتاحها”، داعيًا إلى “مراجعة شاملة لسياسات وزارة الصحة وربط خططها بخطط التنمية البشرية والتعليم الطبي”.
يعاني القطاع الصحي في العراق منذ عام 2003 من ضعف متراكم في البنية التحتية وقلة التمويل، إذ تشير تقارير دولية إلى أن نسبة الإنفاق الحكومي على الصحة لا تتجاوز 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من أدنى النسب في المنطقة. وتُظهر بيانات وزارة الصحة أن العراق يمتلك نحو 1.4 سرير فقط لكل ألف مواطن، مقارنة بمتوسط 3.5 أسرّة في الدول المجاورة.
كما أن العديد من المستشفيات ما زالت تعتمد على بنايات قديمة أنشئت في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، فيما لم تشهد بعض المحافظات النائية إنشاء مستشفيات تخصصية منذ أكثر من عشرين عامًا. ويضاف إلى ذلك النقص الحاد في الكوادر الطبية، إذ يقدَّر عدد الأطباء بنحو 0.8 طبيب لكل ألف مواطن، مع تزايد معدلات الهجرة إلى الخارج نتيجة ضعف الأجور وسوء بيئة العمل.
ورغم تنفيذ الحكومة خلال السنوات الأخيرة لمشاريع جديدة بالشراكة مع شركات أجنبية ومحلية، إلا أن تأخر إطلاق الموازنات وتعقيد الإجراءات الإدارية حال دون استكمال الكثير منها، خصوصًا في المحافظات الغربية والجنوبية.
ويؤكد مراقبون أن تحسين القطاع الصحي يتطلب إصلاحًا إداريًا ومهنيًا متكاملاً، يبدأ من رفع التخصيصات المالية وتطوير برامج التدريب الطبي، وصولًا إلى تعزيز الرقابة على إنفاق الموازنات التشغيلية، وتوسيع الاستثمار في البنى التحتية الصحية.
وفي ظل هذه التحديات، يرى مختصون أن الحاجة إلى إنشاء 100 مستشفى جديد ليست ترفًا، بل ضرورة ملحّة لمواكبة النمو السكاني، وتحقيق العدالة في توزيع الخدمات الصحية بين المحافظات، وضمان حق المواطن العراقي في العلاج والرعاية الصحية اللائقة.