الاعتدال الفلسطيني هو العدو اللدود لنتنياهو وشركائه


يصعب التفكير بتعبير أكثر وضوحاً عن موقف إسرائيل المضطرب تجاه محمود عباس من طلبها الذي تمت الموافقة عليه لمنع دخوله إلى الولايات المتحدة لمنعه من المشاركة في مؤتمر حل الدولتين في الأمم المتحدة. لذلك، أجبر عباس على التحدث عبر الفيديو.
سياسة إسرائيل الخارجية نكتة متدنية المستوى. السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة، داني دنون، نزل أمس عن السكة واقترح في الراديو “جباية ثمن من فرنسا” – فرنسا؟ رداً على دورها في عملية الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ما الذي يفكر فيه عندما يقول “ثمن”، الله أعلم. في النهاية، لا حدود للغباء.

العقل اليهودي دائماً يحب التفكير خارج الصندوق: أي دولة أخرى يخطر ببالها تصفية الأشخاص الذين تجري معهم مفاوضات لإطلاق سراح مخطوفيها على أراضي دولة الوساطة؟ بإمكانها إرسال الموساد لتدمير برج إيفل.. وبإمكانها تزوير نتائج فحص حمل زوجة ماكرون

مؤخراً، بدأنا بشن حرب ضد الصين، عندما اتهمها رئيس الحكومة علناً بأنها هي وقطر تديران حملة ضدنا. وبيننا وبين أنفسنا، فأي أي دولة أخرى كان سيخطر ببالها تصفية الأشخاص الذين تجري معهم مفاوضات لإطلاق سراح مخطوفيها، بالذات على أراضي دولة الوساطة؟ إذا كان هذا ممكناً فكل شيء ممكن. إرسال الموساد لتدمير برج إيفل؟ تزوير نتائج فحص حمل زوجة ماكرون؟ العقل اليهودي دائماً يحب التفكير خارج الصندوق.
بدون أي ذرة خجل، يريد دنون أيضاً معاقبة السلطة الفلسطينية لأنها – اسمعوا جيداً – “قفزت عن المفاوضات مع إسرائيل”. كيف لسفير الدولة التي ظل رئيس حكومتها يهين محمود عباس منذ عشرين سنة، ثم يرفض اليد الممدودة للسلام بكل استهزاء؛ لأنها كانت يداً تحمل غصن زيتون وليس حزاماً ناسفاً كما يحب نتنياهو وشركاؤه؛ دولة اخترعت مفهوم “الإرهاب الدبلوماسي”؛ أي انهيار التمييز بين الإرهاب والدبلوماسية؛ كيف لا يخجل من اتهامها بالرفض السياسي؟ ما المدهش في ذلك؟ كيف لا يشعر بالعار شعب يحرّف معنى شعب الله المختار، ليرسخ اعتقاد أن الله يؤيد كل أفعال هذا الشعب؟ شيك أخلاقي مفتوح من الله. كيف سيثور خجل من فقدوه؟
هل كلف أحد نفسه عناء الاستماع إلى خطاب عباس؟ هل قام أي أحد حتى ولو بلفتة صغيرة بعد الخطاب الذي شمل كل ما ترغب فيه إسرائيل. الاعتدال الفلسطيني هو العدو اللدود لنتنياهو وشركائه في الجريمة التاريخية.
لصالح كل من لا يهمهم: عرض عباس في خطابه التزامه بدولة فلسطينية تعيش بسلام وبجيرة جيدة إلى جانب إسرائيل. ودعا إلى تحرير المخطوفين، وأكد أن حماس لن تكون جزءاً من الحكومة، أن عليها نزع سلاحها، وقد أدان الأفعال التي ارتكبتها حماس في 7 أكتوبر، وبعد ذلك عرض إصلاحات تشمل تغيير مناهج التعليم وعدم الدفع لعائلات السجناء والشهداء، وكرر الاعتراف بإسرائيل ورفض محاولة الخلط بين التضامن مع فلسطين واللاسامية، وفي النهاية تمنى لليهود سنة طيبة.
لماذا كلما سقطت ورقة عن شجرة في الأمازون تثير ضجة في إسرائيل أكثر من خطاب محمود عباس، الذي يلبي كل “طلبات إسرائيل” كشرط مسبق للمفاوضات. بالضبط بسبب ذلك. إذا لم تهتف “الله أكبر” قبل الانفجار فلن يحدث. إذا لم تقد سيارة تويوتا بيضاء وترش كل ما يتحرك، فنحن في ورطة سياسية، من فضلكم، لا تتدخلوا. بعد ذلك، يشرحون لنا ويقولون بأن العرب لا يفهمون إلا لغة القوة. العرب؟ يبدو أننا نعيد ضبط النظر من نفس النقطة التي نعيد فيها ضبط الخجل والعار.
كارولينا ليندسمان
هآرتس 26/9/2025



Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *