يُعبّر رئيس أركان حزب الله، علي طبطبائي، الذي اغتيل، في أفعاله وأنشطته عن جميع الظواهر السلبية التي شهدناها دائمًا في لبنان. إنه رجلٌ جعله ماضيه “المجيد” هدفًا إرهابيًا مهمًا، وهو أمر جيد أن يُحبط، والأهم من ذلك أن هذا يُحبط تهديدًا استراتيجيًا ناشئًا. طبطبائي أحد الشخصيات الرئيسية المسؤولة عن إعادة بناء حزب الله والتواصل مع الإيرانيين، بالإضافة إلى الروح القتالية للمنظمة التي تضررت جراء الحرب مع إسرائيل. ومثل رئيس أركان حزب الله السابق الذي تمت تصفيته، فؤاد شكر، يعدّ طبطبائي أحد هؤلاء المتطرفين الذين دفعوا باتجاه النشاط. تصفيته مهمة وضرورية.
هل حللنا التعقيدات في الشمال بهذا الإجراء؟ لا. نحن في وضع تُجري فيه إسرائيل تصعيدًا مُدروساً ضد لبنان وحزب الله. وهي لا تفعل ذلك لمجرد أنها تشعر بذلك، بل لأن حزب الله في طور استعادة قوته. تُرسل إسرائيل رسالة واضحة للطرف الآخر: إذا لم يكن هناك إجراء فعّال من جانب الحكومة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله، كما يقتضي وقف إطلاق النار، فلن تتردد في مواصلة التصعيد.
بعد السابع من أكتوبر، لم تعد إسرائيل تمارس سياسة الاحتواء، ولن تسمح لحزب الله بالعودة إلى حجمه الهائل. وهذا يتطلب أيضاً ضغطًا أمريكيًا هائلًا. الإدارة الأمريكية نفسها، التي كانت تعلم ولا تزال تعلم أن إسرائيل تنوي تنفيذ هذه الخطوة – حتى وإن لم تكن في هذا التوقيت تحديدًا – رحّبت بها بعد فوات الأوان. واشنطن أيضاً تتفهم: فبدون زيادة الضغط العسكري، لن تلتزم الحكومة اللبنانية باتفاق وقف إطلاق النار.
فماذا سيحدث إذا استمر القتال أو تصاعد الوضع في الشمال لأيام؟ أولاً، علينا أن نطمئنكم: حزب الله لم يعد التنظيم الإرهابي نفسه الذي كان عليه قبل الحرب. لقد دمرت إسرائيل العديد من منظوماته الاستراتيجية، ودمرت قدرته على شن غارة واسعة النطاق على الجليل بشكل شبه كامل. مع ذلك، لم يُهزم التنظيم، فكل قائد يُقتل لديه بديل، حتى وإن لم يكن بمستواه، ولا يزال حزب الله يمتلك صواريخ وقذائف وطائرات مسيرة قادرة على ضرب الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وإن لم تكن بنفس الكميات. وحتى بعد اغتيال رئيس أركان حزب الله، فنحن نناقش مسألة ما إذا كان حزب الله سيرد أصلاً، وإن كان كذلك، فبأي حجم، وهذه حقيقة تُوضح الوضع الجديد الذي نشأ في الشمال بعد الحرب. والحقيقة أنه مهما كانت طريقة رد حزب الله، فالمعادلات لم تعد جزءًا من السياسة الإسرائيلية. وحتى لو كان الرد من وجهة نظرها محدودًا ومدروسًا، فسيكون الرد الإسرائيلي مختلفًا تمامًا من حيث الحجم، وغير متناسب.
N12– 26/11/2025