إسرائيل تهدد بتدمير غزة… ومجازرها تقتل العشرات


غزة – «القدس العربي»: واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي تصعيد هجماتها على مدينة غزة، ضمن المخطط العسكري الرامي لاحتلال المدينة بالكامل وإفراغها من السكان، وقصفت خلال الساعات الماضية عدة مناطق، كما صعّدت من عمليات تفجير «المجنزرات المفخخة»، في الوقت الذي هاجمت فيه بقوة مناطق النزوح الإنساني وسط وجنوب القطاع، وفي الوقت الذي هددت فيه حكومة الاحتلال بتدمير القطاع.
ووصل إلى مستشفيات غزة، حسب مصادر فلسطينية، أكثر من 47 شهيدا منذ فجر الأحد وحتى وقت كتابة هذا التقرير. وقالت وزارة الصحة في غزة في وقت سابق إن مشافي القطاع استقبلت 79 شهيدا و379 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية، لترتفع بذلك حصيلة حرب الإبادة الإسرائيلية إلى 66,005 شهداء و168,162 إصابة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فيما لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم حتى اللحظة.
ميدانيا، ارتقى عدد من الشهداء وأصيب آخرون بجراح مختلفة جراء قصف طائرات الاحتلال مجموعة من المواطنين في حي النصر غربي مدينة غزة. كما جرى انتشال ثلاثة شهداء من محيط ملعب فلسطين في حي الرمال غربي المدينة أيضا، واستشهد مواطنان في قصف استهدف محيط مسجد الحسن والحسين في حي الصبرة.
وشن الطيران الحربي سلسلة غارات عنيفة، تعمد فيها تدمير العديد من المنازل وإحداث حالة خوف وهلع في صفوف السكان، حيث طالت عمليات القصف منازل في حي الدرج وفي مخيم الشاطئ، وكذلك منازل في حيي تل الهوا والصبرة جنوب المدينة، كما تعرض الحيان الأخيران لقصف مدفعي عنيف.
وذكرت مصادر محلية أن طائرات عمودية هجومية أطلقت النار بكثافة على المناطق الشرقية للمدينة، بالتزامن مع قصف مدفعي لحي الشجاعية، فيما قامت طائرات مسيرة من نوع «كواد كابتر» بإطلاق النار صوب تجمعات المواطنين في حي الرمال غربي المدينة.

وترافق ذلك مع عمليات نسف كبيرة نفذتها ناقلات جند إسرائيلية قديمة «مجنزرات» يجري تحريكها عن بعد، وتركزت عمليات النسف في أحياء الصبرة وتل الهوا. وهذه الآليات يجري تحميلها بأطنان من المتفجرات وتفجيرها عن بعد، لتُحدث دمارا هائلا في المربع السكني المستهدف. ومن شدة الانفجارات يُسمع دويها في مناطق وسط وجنوب القطاع، كما يتسبب القصف بتطاير شظايا حديدية وقطع من المنازل المستهدفة لمسافة تزيد عن الكيلومتر.
ويهدف ذلك إلى إجبار المزيد من السكان على النزوح القسري، خاصة في ظل الأسلوب العسكري في العملية الجديدة القائم على سياسة «الأرض المحروقة». ومن جديد، هدد وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس بتوسيع الهجمات، وقال في منشور على منصة «أكس»: «إذا لم تفرج حماس عن جميع الرهائن وتنزع سلاحها، سيتم تدمير غزة والقضاء على حماس». وتابع: «لن نتوقف حتى تتحقق كافة أهداف الحرب»، مؤكدا أن جيشه يكثف عملياته في مدينة غزة مع إجلاء أكثر من 750 ألفا من سكانها إلى جنوب القطاع.

مجازر النازحين

وفي السياق، استمرت هجمات جيش الاحتلال على مناطق وسط القطاع، التي تؤوي أعدادا كبيرة من نازحي غزة، حيث ارتكبت تلك القوات سلسلة مجازر دامية. فقد استشهد 13 مواطنا بينهم أطفال ونساء، وأصيب آخرون، جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا لعائلة أبو عامر في شمال المخيم، كما أعلنت فرق الإنقاذ عن انتشال شهيدين في استهداف منزل لعائلة جربوع غرب المخيم.
وذكر «مستشفى العودة» أنه استقبل شهيدين أحدهما مسن، جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي تجمعات للمواطنين في محيط «محور نتساريم». كما استشهد مواطن من جامعي الحطب عند تواجده في منطقة المغراقة، واستشهد مواطن من عائلة القريناوي جراء قصف منزله في مخيم البريج.

المنظومة الصحية تواجه الانهيار الكامل

وقام سكان المخيم بدفن جثامين الشهداء الذين ارتقوا في الهجمات الأخيرة، وكذلك شهداء مجزرة سوق المخيم التي اقترفتها قوات الاحتلال السبت، بعد أن قضوا ليلا متأثرين بجراحهم الخطيرة، حيث أسفر الهجوم عن سقوط 18 شهيدا وإصابة العشرات بجراح مختلفة. وساد جو الحزن كافة أحياء المخيم بسبب العدد الكبير للضحايا الذين سقطوا خلال الساعات الأخيرة، فيما أنهت الكثير من العوائل مراسم الجنازة فور انتهاء عملية دفن أبنائها، بسبب خطورة الوضع الميداني.

وفي السياق نفسه، واصلت قوات الاحتلال هجماتها على المناطق الشمالية لمخيم النصيرات، كما قصف الطيران الحربي منزلا في منطقة بلوك 7 بمخيم البريج. وذكرت مصادر محلية أن طائرة «كواد كابتر» إسرائيلية ألقت قنبلتين على جامعي الحطب شرقي مدينة دير البلح، كما تعرضت حدود تلك المدينة لإطلاق نار كثيف. في الموازاة، استمرت أيضا هجمات جيش الاحتلال على مدينة خان يونس جنوب القطاع. وأعلنت مصادر طبية عن ارتقاء شهيدة من عائلة العثامنة متأثرة بإصابتها جراء قصف خيمتها في مواصي المدينة. كما قامت قوات الاحتلال بقصف مدفعي عنيف استهدف شمالي المدينة، وقصف الطيران الحربي أيضا منطقة بطن السمين جنوبا. وذكرت مصادر من المدينة أن قوات الاحتلال المتوغلة نفذت عمليات نسف مبانٍ سكنية وسط المدينة، وتعرضت المنطقة الساحلية إلى إطلاق نار كثيف من قبل الزوارق الحربية.
وتعرضت منطقة وسط مدينة رفح أقصى جنوب القطاع لعدة غارات جوية نفذتها طائرات حربية نفاثة.

ضعف منظومة الصحة والإنقاذ

وتتصاعد حدة الهجمات في ظل انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية في قطاع غزة بسبب الحرب والحصار الإسرائيلي الذي يمنع وصول الدواء والمستلزمات الطبية، إضافة إلى الضغط الكبير على المراكز الطبية والمستشفيات التي تعمل بأقل طاقة. وأعلن «مستشفى ناصر الطبي» في خان يونس وفاة رضيع نتيجة سوء التغذية ونقص العلاج، في مشهد يعكس خطورة الوضع الصحي.
وقالت وزارة الصحة إن 20 مستشفى خرجت كليا عن الخدمة في محافظتي غزة والشمال، فيما هناك ثمانية مستشفيات تعمل تحت الخطر.
وذكرت أن المستشفيات التي ما زالت تعمل تحت الخطر هي: «مجمع الشفاء الطبي»، «مستشفى أصدقاء المريض»، «الخدمة العامة»، «مجمع الصحابة»، «الأهلي العربي»، «مستشفى الوفاء للتأهيل»، «مستشفى الحلو»، و»مستشفى الهلال الأحمر الميداني».
وأوضحت أن مستشفيات «الرنتيسي»، و«العيون»، و«كمال عدوان»، و«الإندونيسي»، و«بيت حانون»، و«الدرة»، و»حيفا»، و»اليمن السعيد»، و»الصداقة التركي»، و»الطب النفسي»، و«العودة – جباليا»، و«حمد للتأهيل»، و«الكرامة»، و«سان جون»، و«مسلم التخصصي»، و«العيون التخصصي»، و«مهدي للولادة»، و«الحياة»، و«المستشفى الميداني الأردني – غزة» و«مستشفى القدس» قد توقفت تماما عن الخدمة.
وحذرت وزارة الصحة من أخطار ذلك على حياة المرضى والمصابين، ودعت إلى إنقاذ النظام الصحي.
وفي السياق، قال المسؤول في جهاز الدفاع المدني محمد المغير إن الاحتلال يتعمد تعطيل الخدمة الإنسانية التي يقدمها الجهاز للمواطنين، ويزيد الضغط عليه في شمال قطاع غزة بمنع إمداده بالوقود الخاص بتشغيل مركبات ومعدات الإنقاذ والإطفاء.
وأضاف المغير أن مخزون الوقود المتوفر لديهم بالكاد يكفي لتشغيل المركبات لعدد محدود من المهمات لفترة زمنية لا تتجاوز الأسبوع. وحذر من «أزمة متجددة تصنعها إسرائيل وتزهق المزيد من الأرواح»، داعيا الجهات المعنية كافة إلى «إنقاذ حياة آلاف المدنيين في غزة من خلال الضغط على إسرائيل للسماح بإيصال الوقود إلى المؤسسات الإنسانية».

ابتزاز وجرائم موثقة

وحمّل المفوض العام لـ«الأونروا» فليب لازاريني مسؤولية استمرار المجازر في غزة إلى «ثقافة الإفلات من العقاب وقلة التعاطف الدولي»، مؤكدا أن «غزة تعيش مجاعة من صنع الإنسان نتيجة الحصار ومنع المساعدات».
وفي السياق ذاته، كشف «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان» أن إسرائيل تنتهج سياسة ابتزاز خطيرة بحق عائلات فلسطينية في قطاع غزة، موضحا أن الاحتلال يضع العائلات أمام خيارين: إما التعاون مع قواته وميليشياته أو مواجهة القتل الجماعي والتجويع والتهجير القسري.
وأشار المرصد إلى أن الاحتلال استهدف عائلة البكر بعد يوم واحد من رفضها تشكيل ميليشيا تعمل لصالحه، إذ عرض عليها البقاء في منطقتها مقابل تشكيل هذه الميليشيا على غرار «ميليشيا أبو شباب». وأضاف أن عائلتي الديري ودغمش تلقتا العرض ذاته، لكن بعد رفضهما قصفت مناطقهما، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 60 فردا من العائلتين، مع وجود آخرين تحت الأنقاض.
وأكد المرصد أن رفض هذه العائلات الخضوع لمقايضات الاحتلال لا يسقط عنها حق الحماية ولا يبرر أي هجوم أو تهجير لها.

«القسام» تعلن انقطاع التواصل مع أسيرين

و أعلنت «كتائب الشهيد عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، عن انقطاع التواصل مع الأسيرين (عمري ميران ومتان انغريست) «نتيجة العمليات العسكرية الهمجية والاستهدافات العنيفة في حيي الصبرة وتل الهوا خلال الساعات الـ48 الأخيرة». وأكدت في بيان أن حياة الأسيرين في «خطر حقيقي»، وطالبت قوات الاحتلال بـ»التراجع فورا إلى جنوب شارع 8، وإيقاف الطلعات الجوية لمدة 24 ساعة ابتداء من الساعة 18:00 من مساء الأحد حتى تتم محاولة إخراج الأسيرين». وأضافت: «وقد أعذر من أنذر».
وخلال الأيام الماضية تعرضت المنطقة التي حددتها كتائب القسام لسلسلة هجمات إسرائيلية عنيفة جدا، وكانت الكتائب قد هددت سابقا أن حياة الأسرى الإسرائيليين ستكون في خطر كبير في حال قرر جيش الاحتلال المضي في خطة احتلال غزة.
كما أعلنت «كتائب القسام» استهداف دبابة ميركافا إسرائيلية في منطقة تل الهوا جنوب مدينة غزة، مؤكدة استهداف قوة إسرائيلية داخل أحد المنازل في الحي موقعة أفرادها بين قتيل وجريح. كما قالت إن أحد عناصرها قنص جنديا إسرائيليا مما أدى إلى مقتله على الفور في حي التفاح شرق مدينة غزة الأربعاء الماضي.
وقالت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، إنها استهدفت دبابة ميركافا إسرائيلية في حي الصبرة في مدينة غزة مساء الخميس الماضي.
وفي بلاغ آخر، قالت سرايا القدس إنها سيطرت على طائرة استطلاع للاحتلال خلال تنفيذها مهام استخبارية في سماء مدينة غزة.



Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *