القاهرة –« القدس العربي»: شهدت الساحة الثقافية في الأيام الماضية أزمة أثارت جدلاً واسعًا بين المخرجة المصرية مروى الشرقاوي وإدارة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي في الجزائر، بعدما عبّرت المخرجة عن استيائها من طريقة التعامل معها خلال مشاركتها في فعاليات المهرجان. الشرقاوي أوضحت في تصريحات إعلامية أن ما تعرضت له يعكس سوء تنظيم وتجاهلاً غير مبرر لمكانة السينما المصرية، التي طالما كانت ركيزة أساسية في المهرجانات العربية والدولية. تصريحاتها انتشرت بسرعة وأثارت تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي وبين المهتمين بالشأن الفني، حيث اعتبر البعض أن ما قالته يعبر عن غضب مشروع، بينما رأى آخرون أن الأمر كان يمكن حله بعيدًا عن التصعيد الإعلامي.
إدارة المهرجان ردت ببيان أكدت فيه احترامها الكبير للمخرجة المصرية وللوجود المصري في المهرجان، موضحة أن ما جرى لم يكن مقصودًا، وإنما ناتج عن بعض الارتباك التنظيمي المرتبط بضغوط الدورة الحالية وظروفها الاستثنائية. وأشارت الإدارة إلى أن مصر ليست بلدًا مشاركًا فحسب، بل هي أساس في الحضور السينمائي العربي، وأنها لن تتعمد يومًا الإساءة لأي فنان أو مبدع مصري.
الأزمة سرعان ما تحولت إلى قضية رأي عام ثقافي، مع تحذيرات من تأثيرها على العلاقات الثقافية والفنية بين مصر والجزائر، وهي علاقات طالما مثّلت جسرًا للتواصل والتقارب بين الشعبين.
وفي ظل هذا الجدل، تدخلت وزيرة الثقافة الجزائرية بنفسها لحل الخلاف، حيث أجرت اتصالات مباشرة مع المخرجة مروى الشرقاوي ومع إدارة المهرجان، مؤكدة أن الجزائر لا يمكن أن تسمح بجرح صورة أو مكانة السينما المصرية، وأن ما حدث لا يعدو كونه سوء تفاهم عابرا.
المخرجة المصرية من جانبها أعربت عن تقديرها البالغ لمبادرة الوزيرة، وأكدت أنها لم تكن تسعى لإثارة أزمة بقدر ما أرادت التأكيد على قيمة المشاركة المصرية وضرورة احترامها، فيما جددت إدارة المهرجان اعتزازها بمصر وبفنانيها، وأكدت أن حضورهم سيبقى ركيزة لا يمكن الاستغناء عنها في دوراته المقبلة.
ورغم انتهاء الأزمة بشكل ودي، إلا أنها فتحت الباب واسعًا أمام نقاش أكبر حول ضرورة تطوير آليات العمل التنظيمي والتواصل داخل المهرجانات العربية، حتى لا تتكرر مثل هذه الأزمات التي قد تبدأ من تفاصيل بسيطة، لكنها سرعان ما تكبر لتأخذ أبعادًا غير متوقعة. كما شدد كثير من المثقفين على أن الحوار والتفاهم يبقيان السبيل الأمثل لتجاوز الخلافات، خاصة بين بلدين مثل مصر والجزائر تربطهما علاقات تاريخية وثقافية عميقة.